الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : قال رب أوزعني الآية . أخرج ابن أبي حاتم عن مالك بن مغول قال : شكا أبو معشر ابنه إلى طلحة بن مصرف فقال طلحة : استعن عليه بهذه الآية : رب أوزعني أن أشكر نعمتك . [ ص: 326 ] الآية .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : نزلت هذه الآية في أبي بكر الصديق : حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة قال رب أوزعني الآية . فاستجاب الله له فأسلم والداه جميعا وإخوانه وولده كلهم، ونزلت فيه أيضا : فأما من أعطى واتقى [الليل : 5] إلى آخر السورة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن المنذر عن مجاهد وأصلح لي في ذريتي قال : اجعلهم لي صالحين .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر ، عن ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الروح الأمين قال : يؤتى بحسنات العبد وسيئاته فيقتص بعضها من بعض، فإن بقيت له حسنة وسع الله له بها في الجنة . قال : فدخلت على يزداد فحدث مثل هذا الحديث، قلت : فإن ذهبت الحسنة؟ قال : أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا الآية .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير عن مجاهد قال : دعا أبو بكر عمر فقال له : إني أوصيك بوصية أن تحفظها؛ إن لله في الليل حقا لا يقبله بالنهار، وحقا بالنهار [ ص: 327 ] لا يقبله بالليل، إنه ليس لأحد نافلة حتى يؤدي الفريضة، إنه إنما ثقلت موازين من ثقلت موازينه يوم القيامة باتباعهم الحق في الدنيا وثقل ذلك عليهم، وحق لميزان لا يوضع فيه إلا الحق أن يثقل، وخفت موازين من خفت موازينه يوم القيامة لاتباعهم الباطل في الدنيا وخفته عليهم، وحق لميزان لا يوضع فيه إلا الباطل أن يخف، ألم تر أن الله ذكر أهل الجنة بأحسن أعمالهم، فيقول قائل : أين يبلغ عملك من عمل هؤلاء؟! وذلك أن الله تعالى تجاوز عن أسوأ أعمالهم فلم يبده، وذكر أهل النار بأسوأ أعمالهم حتى يقول القائل : أنا خير عملا من هؤلاء . وذلك بأن الله تعالى رد عليهم أحسن أعمالهم، ألم تر أن الله أنزل آية الشدة عند آية الرخاء، وآية الرخاء عند آية الشدة ليكون المؤمن راغبا راهبا؛ لئلا يلقي بيده إلى التهلكة، ولا يتمنى على الله أمنية يتمنى على الله فيها غير الحق .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية