الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن .

                                                                                                                                                                                                                                      أخرج ابن أبي حاتم ، وابن المنذر ، عن مقاتل بن حيان قال : نزلت هذه الآية في أبي مرثد الغنوي، استأذن النبي صلى الله عليه وسلم في عناق أن يتزوجها، وكانت ذات [ ص: 562 ] حظ من جمال، وهي مشركة، وأبو مرثد يومئذ مسلم ، فقال : يا رسول الله، إنها تعجبني ، فأنزل الله : ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والنحاس في "ناسخه"، والبيهقي في "سننه"، عن ابن عباس في قوله : ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن . قال : استثنى الله من ذلك نساء أهل الكتاب، فقال : والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أبو داود في "ناسخه"، عن ابن عباس في قوله : ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن . قال : نسخ من ذلك نكاح نساء أهل الكتاب، أحلهن للمسلمين، وحرم المسلمات على رجالهم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج البيهقي في "سننه"، عن ابن عباس في قوله : ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن . قال : نسخت، وأحل من المشركات نساء أهل الكتاب .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم ، والطبراني ، عن ابن عباس قال : نزلت هذه الآية : ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن . فحجز الناس عنهن حتى نزلت الآية التي بعدها : والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم . فنكح الناس نساء [ ص: 563 ] أهل الكتاب .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج وكيع ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم ، والنحاس في "ناسخه"، والبيهقي في "سننه"، عن سعيد بن جبير في قوله : ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن . قال : يعني أهل الأوثان .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج آدم ، وعبد بن حميد ، والبيهقي ، عن مجاهد : ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن . قال : نساء أهل مكة من المشركين، ثم أحل منهن نساء أهل الكتاب .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الرزاق ، وعبد بن حميد ، عن قتادة : ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن . قال : مشركات العرب اللاتي ليس لهن كتاب .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، عن حماد قال : سألت إبراهيم عن تزويج اليهودية والنصرانية، فقال : لا بأس به ، فقلت : أليس الله يقول : ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن . قال : إنما ذاك المجوسيات وأهل الأوثان .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الرزاق ، وابن جرير ، والبيهقي ، عن شقيق قال : تزوج حذيفة [ ص: 564 ] يهودية، فكتب إليه عمر : خل سبيلها، فكتب إليه : أتزعم أنها حرام فأخلي سبيلها؟ فقال : لا أزعم أنها حرام، ولكني أخاف أن تعاطوا المومسات منهن .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة ، وابن أبي حاتم ، عن ابن عمر ، أنه كره نكاح نساء أهل الكتاب، ويتأول : ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج البخاري، والنحاس في "ناسخه"، عن نافع، أن عبد الله بن عمر كان إذا سئل عن نكاح الرجل النصرانية أو اليهودية . قال : حرم الله المشركات على المؤمنين، ولا أعرف شيئا من الإشراك أعظم من أن تقول المرأة : ربها عيسى، أو عبد من عباد الله .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية