الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                حتى إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب إذا هم يجأرون لا تجأروا اليوم إنكم منا لا تنصرون قد كانت آياتي تتلى عليكم فكنتم على أعقابكم تنكصون مستكبرين به سامرا تهجرون

                                                                                                                                                                                                وحتى هذه هي التي يبتدأ بعدها الكلام ، والكلام : الجملة الشرطية ، والعذاب : قتلهم يوم بدر ، أو الجوع حين دعا عليهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال : "اللهم اشدد وطأتك على مضر واجعلها عليهم سنين كسني يوسف" فابتلاهم الله بالقحط حتى أكلوا الجيف والكلاب والعظام المحترقة والقد والأولاد ، الجؤار : الصراخ باستغاثة ؛ قال : [من الكامل ]


                                                                                                                                                                                                جأر ساعات النيام لربه



                                                                                                                                                                                                أي : يقال لهم حينئذ : " لا تجأروا " ؛ فإن الجؤار غير نافع لكم ، منا لا تنصرون : لا تغاثون ولا تمنعون منا أو من جهتنا ، لا يلحقكم نصر ومغوثة ، قالوا : الضمير [ ص: 239 ] في " به " : للبيت العتيق أو للحرم ، كانوا يقولون : لا يظهر علينا أحد ؛ لأنا أهل الحرم ، والذي سوغ هذا الإضمار شهرتهم بالاستكبار بالبيت ، وأنه لم تكن لهم مفخرة إلا أنهم ولاته والقائمون به ، ويجوز أن يرجع إلى آياتي ، إلا أنه ذكر ؛ لأنها في معنى كتابي ، ومعنى استكبارهم بالقرآن : تكذيبهم به استكبارا ، ضمن مستكبرين معنى مكذبين ، فعدي تعديته ، أو يحدث لكم استماعه استكبارا وعتوا ، فأنتم مستكبرون بسببه ، أو تتعلق الباء بسامرا ، أي : تسمرون بذكر القرآن وبالطعن فيه ، وكانوا يجتمعون حول البيت بالليل يسمرون . وكانت عامة سمرهم ذكر القرآن وتسميته سحرا وشعرا وسب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أو يتهجرون ، والسامر : نحو الحاضر في الإطلاق على الجمع ، وقرئ : "سمرا" و "سمارا " ، و"تهجرون وتهجرون " : من أهجر في منطقه إذا أفحش ، والهجر بالضم - : الفحش ، ومن هجر الذي هو مبالغة في هجر إذا هذي ، والهجر بالفتح - : الهذيان .

                                                                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                                                                الخدمات العلمية