الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد وما ذلك على الله بعزيز

                                                                                                                                                                                                فإن قلت : لم عرف الفقراء ؟ قلت : قصد بذلك أن يريهم أنهم لشدة افتقارهم إليه هم [ ص: 149 ] جنس الفقراء ، وإن كانت الخلائق كلهم مفتقرين إليه من الناس وغيرهم ; لأن الفقر مما يتبع الضعف ، وكلما كان الفقير أضعف كان أفقر ، وقد شهد الله سبحانه على الإنسان بالضعف في قوله : وخلق الإنسان ضعيفا [النساء : 28 ] وقال سبحانه وتعالى : الله الذي خلقكم من ضعف [الروم : 54 ] ولو نكر لكان المعنى أنتم بعض الفقراء . فإن قلت : قد قوبل الفقراء بالغنى ، فما فائدة الحميد ؟ قلت : لما أثبت فقرهم إليه وغناه عنهم -وليس كل غني نافعا بغناه إلا إذا كان الغني جوادا منعما ، فإذا جاد وأنعم حمده المنعم عليهم واستحق عليهم الحمد - ذكر الحميد ليدل به على أنه الغني النافع بغناه خلقه ، الجواد المنعم عليهم المستحق بإنعامه عليهم أن يحمدوه ، الحميد على ألسنة مؤمنيهم "بعزيز " بممتنع ، وهذا غضب عليهم لاتخاذهم له أندادا ، وكفرهم بآياته ومعاصيهم ، كما قال : تتولوا يستبدل قوما غيركم [محمد : 38 ] وعن ابن عباس -رضي الله عنهما - : يخلق بعدكم من يعبده لا يشرك به شيئا .

                                                                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                                                                الخدمات العلمية