الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب وحفظا من كل شيطان مارد

                                                                                                                                                                                                "الدنيا " القربى منكم . والزينة : مصدر كالنسبة ، واسم لما يزان به الشيء ، كالليقة اسم لما تلاق به الدواة ، ويحتملهما قوله : بزينة الكواكب فإن أردت المصدر ، فعلى إضافته إلى الفاعل ، أي : بأن زانتها الكواكب ، وأصله : بزينة الكواكب ، أو على [ ص: 201 ] إضافته إلى المفعول ، أي : بأن زان الله الكواكب وحسنها ; لأنها إنما زينت السماء لحسنها في أنفسها ، وأصله بزينة الكواكب وهي قراءة أبي بكر والأعمش وابن وثاب . وإن أردت الاسم فللإضافة وجهان : أن تقع الكواكب بيانا للزينة ; لأن الزينة مبهمة في الكواكب وغيرها مما يزان به ، وأن يراد ما زينت به الكواكب . وجاء عن ابن عباس رضي الله عنهما : بزينة الكواكب : بضوء الكواكب ، ويجوز أن يراد أشكالها المختلفة ، كشكل الثريا وبنات نعش والجوزاء ، وغير ذلك ، ومطالعها ومسايرها . وقرئ على هذا المعنى : (بزينة الكواكب ) بتنوين زينة ، وجر الكواكب على الإبدال ، ويجوز في نصب الكواكب أن يكون بدلا من محل بزينة "وحفظا " مما حمل على المعنى ; لأن المعنى : إنا خلقنا الكواكب زينة للسماء وحفظا من الشياطين ، كما قال تعالى : ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوما للشياطين [الملك : 5 ] ويجوز أن يقدر الفعل المعلل ، كأنه قيل : وحفظا من كل شيطان زيناها بالكواكب ، وقيل : وحفظناها حفظا . والمارد : الخارج من الطاعة المتلمس منها .

                                                                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                                                                الخدمات العلمية