الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولو الألباب

                                                                                                                                                                                                قرئ: (أمن هو قانت) بالتخفيف على إدخال همزة الاستفهام على من، وبالتشديد [ ص: 293 ] على إدخال "أم" عليه. و "من" مبتدأ خبره محذوف، تقديره: أمن هو قانت كغيره، وإنما حذف لدلالة الكلام عليه، وهو جري ذكر الكافر قبله. وقوله بعده: قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون وقيل: معناه أمن هو قانت أفضل أمن هو كافر. أو أهذا أفضل أمن هو قانت على الاستفهام المتصل. والقانت: القائم بما يجب عليه من الطاعة. ومنه قوله عليه الصلاة والسلام: "أفضل الصلاة طول القنوت"، وهو القيام فيها. ومنه القنوت في الوتر; لأنه دعاء المصلي قائما "ساجدا" حال. وقرئ: (ساجد وقائم) على أنه خبر بعد خبر، والواو للجمع بين الصفتين. وقرئ: (ويحذر عذاب الآخرة). وأراد بالذين يعلمون: العاملين من علماء الديانة، كأنه جعل من لا يعمل غير عالم. وفيه ازدراء عظيم بالذين يقتنون العلوم، ثم لا يقتنون، ويفتنون، ثم يفتنون بالدنيا، فهم عند الله جهلة، حيث جعل القانتين هم العلماء، ويجوز أن يرد على سبيل التشبيه، أي: كما لا يستوي العالمون والجاهلون، كذلك لا يستوي القانتون والعاصون. وقيل: ونزلت في عمار بن ياسر رضي الله عنه وأبي حذيفة بن المغيرة المخزومي. وعن الحسن أنه سئل عن رجل يتمادى في المعاصي ويرجو، فقال: هذا تمن والرجاء قوله، وتلا هذه الآية. [ ص: 295 ] وقرئ: (إنما ذكر) بالإدغام.

                                                                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                                                                الخدمات العلمية