الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        فقالوا أنؤمن لبشرين مثلنا وقومهما لنا عابدون فكذبوهما فكانوا من المهلكين ولقد آتينا موسى الكتاب لعلهم يهتدون

                                                                                                                                                                                                                                        ( فقالوا أنؤمن لبشرين مثلنا ) ثنى البشر لأنه يطلق للواحد كقوله ( بشرا سويا ) كما يطلق للجمع كقوله : ( فإما ترين من البشر أحدا ) ولم يثن المثل لأنه في حكم المصدر ، وهذه القصص كما نرى تشهد بأن قصارى شبه المنكرين للنبوة قياس حال الأنبياء على أحوالهم لما بينهم من المماثلة في الحقيقة وفساده يظهر للمستبصر [ ص: 89 ]

                                                                                                                                                                                                                                        بأدنى تأمل ، فإن النفوس البشرية وإن تشاركت في أصل القوى والإدراك لكنها متباينة الأقدام فيهما ، وكما ترى في جانب النقصان أغبياء لا يعود عليهم الفكر برادة ، يمكن أن يكون في طرف الزيادة أغنياء عن التفكر والتعلم في أكثر الأشياء وأغلب الأحوال ، فيدركون ما لا يدرك غيرهم ويعلمون ما لا ينتهي إليه علمهم ، وإليه أشار بقوله تعالى : ( قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد ) . ( وقومهما ) يعني بني إسرائيل .

                                                                                                                                                                                                                                        ( لنا عابدون ) خادمون منقادون كالعباد .

                                                                                                                                                                                                                                        ( فكذبوهما فكانوا من المهلكين ) بالغرق في بحر قلزم .

                                                                                                                                                                                                                                        ( ولقد آتينا موسى الكتاب ) التوراة . ( لعلهم ) لعل بني إسرائيل ، ولا يجوز عود الضمير إلى فرعون وقومه لأن التوراة نزلت بعد إغراقهم . ( يهتدون ) إلى المعارف والأحكام .

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية