الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رءوسكم ومقصرين لا تخافون فعلم ما لم تعلموا فجعل من دون ذلك فتحا قريبا هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا

                                                                                                                                                                                                                                        لقد صدق الله رسوله الرؤيا رأى عليه الصلاة والسلام أنه وأصحابه دخلوا مكة آمنين وقد حلقوا وقصروا، فقص الرؤيا على أصحابه ففرحوا وحسبوا أن ذلك يكون في عامهم، فلما تأخر قال بعضهم والله ما حلقنا ولا قصرنا ولا رأينا البيت فنزلت والمعنى صدقه في رؤياه. بالحق ملتبسا به فإن ما رآه كائن لا محالة في وقته المقدر له وهو العام القابل، ويجوز أن يكون بالحق صفة مصدر محذوف أي صدقا ملتبسا بالحق وهو القصد إلى التمييز بين الثابت على الإيمان والمتزلزل فيه، وأن يكون قسما إما باسم الله تعالى أو بنقيض الباطل وقوله: لتدخلن المسجد الحرام جوابه وعلى الأولين جواب قسم محذوف. إن شاء الله تعليق للعدة. بالمشيئة تعليما للعباد، أو إشعارا بأن بعضهم لا يدخل لموت أو غيبة أو حكاية لما قاله ملك الرؤيا، أو النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه. آمنين حال من الواو والشرط معترض. محلقين رءوسكم ومقصرين أي محلقا بعضكم ومقصرا آخرون. لا تخافون حال مؤكدة أو استئناف أي لا تخافون بعد ذلك. فعلم ما لم تعلموا من الحكمة في تأخير ذلك. فجعل من دون ذلك من دون دخولكم المسجد أو فتح مكة. فتحا قريبا هو فتح خيبر ليستروح إليه قلوب المؤمنين إلى أن يتيسر الموعود.

                                                                                                                                                                                                                                        هو الذي أرسل رسوله بالهدى ملتبسا به أو بسببه أو لأجله. ودين الحق وبدين الإسلام.

                                                                                                                                                                                                                                        ليظهره على الدين كله ليغلبه على جنس الدين كله بنسخ ما كان حقا وإظهار فساد ما كان باطلا، أو بتسليط المسلمين على أهله إذ ما من أهل دين إلا وقد قهرهم المسلمون، وفيه تأكيد لما وعده من الفتح.

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 132 ] وكفى بالله شهيدا على أن ما وعده كائن أو على نبوته بإظهار المعجزات.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية