الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه ويقولون سمعنا وعصينا واسمع غير مسمع وراعنا ليا بألسنتهم وطعنا في الدين ولو أنهم قالوا سمعنا وأطعنا واسمع وانظرنا لكان خيرا لهم وأقوم ولكن لعنهم الله بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 77 ] من الذين هادوا يحرفون بيان للذين أوتوا نصيبا فإنه يحتملهم وغيرهم، وما بينهما اعتراض أو بيان لأعدائكم أو صلة لنصيرا. أي ينصركم من الذين هادوا ويحفظكم منهم، أو خبر محذوف صفته يحرفون.

                                                                                                                                                                                                                                        الكلم عن مواضعه أي من الذين هادوا قوم يحرفون الكلم أي يميلونه عن مواضعه التي وضعه الله فيها بإزالته عنها وإثبات غيره فيها. أو يؤولونه على ما يشتهون فيميلونه عما أنزل الله فيه. وقرئ «الكلم» بكسر الكاف وسكون اللام جمع كلمة تخفيف كلمة. ويقولون سمعنا قولك. وعصينا أمرك. واسمع غير مسمع أي مدعوا عليك بلا سمعت لصمم أو موت، أو اسمع غير مجاب إلى ما تدعو إليه، أو اسمع غير مسمع كلاما ترضاه، أو اسمع كلاما غير مسمع إياك لأن أذنك تنبو عنه فيكون مفعولا به، أو اسمع غير مسمع مكروها من قولهم أسمعه فلان إذا سبه، وإنما قالوه نفاقا. وراعنا انظرنا نكلمك أو نفهم كلامك.

                                                                                                                                                                                                                                        ليا بألسنتهم فتلا بها وصرفا للكلام إلى ما يشبه السب، حيث وضعوا راعنا المشابه لما يتسابون به موضع انظرنا وغير مسمع موضع لا أسمعت مكروها، أو فتلا بها وضما لما يظهرون من الدعاء والتوقير إلى ما يضمرون من السب والتحقير نفاقا. وطعنا في الدين استهزاء به وسخرية. ولو أنهم قالوا سمعنا وأطعنا واسمع وانظرنا ولو ثبت قولهم هذا مكان ما قالوه. لكان خيرا لهم وأقوم لكان قولهم ذلك خيرا لهم وأعدل، وإنما يجب حذف الفعل بعد لو في مثل ذلك لدلالة أن عليه ووقوعه موقعه. ولكن لعنهم الله بكفرهم ولكن خذلهم الله وأبعدهم عن الهدى بسبب كفرهم. فلا يؤمنون إلا قليلا أي إلا إيمانا قليلا لا يعبأ به وهو الإيمان ببعض الآيات والرسل، ويحتمل أن يراد بالقلة العدم كقوله: قليل التشكي للمهم يصيبه أو إلا قليلا منهم آمنوا أو سيؤمنون.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية