الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا حملته أمه كرها ووضعته كرها وحمله وفصاله ثلاثون شهرا حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة قال رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وأن أعمل صالحا ترضاه وأصلح لي في ذريتي إني تبت إليك وإني من المسلمين

                                                                                                                                                                                                                                      15 - ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا "كوفي"؛ أي: وصيناه بأن يحسن بوالديه إحسانا؛ "حسنا"؛ غيرهم؛ أي: وصيناه بوالديه أمرا ذا حسن؛ أو بأمر ذي حسن؛ فهو في موضع البدل من قوله: "بوالديه"؛ وهو من بدل الاشتمال؛ [ ص: 312 ] حملته أمه كرها ووضعته كرها ؛ وبفتح الكافين "حجازي وأبو عمرو"؛ وهما لغتان في معنى المشقة؛ وانتصابه على الحال؛ أي: "ذات كره"؛ أو على أنه صفة للمصدر؛ أي: "حملا ذا كره"؛ وحمله وفصاله ؛ ومدة حمله وفطامه؛ ثلاثون شهرا ؛ وفيه دليل على أن أقل مدة الحمل ستة أشهر؛ لأن مدة الرضاع إذا كانت حولين - لقوله (تعالى): حولين كاملين -؛ بقيت للحمل ستة أشهر؛ وبه قال أبو يوسف؛ ومحمد - رحمهما الله -؛ وقال أبو حنيفة - رحمه الله -: "المراد به الحمل بالأكف"؛ "وفصله"؛ "يعقوب"؛ و"الفصل"؛ و"الفصال"؛ كـ "العظم"؛ و"العظام"؛ بناء؛ ومعنى؛ حتى إذا بلغ أشده ؛ هو جمع؛ لا واحد له من لفظه؛ وكان سيبويه يقول: واحده: "شدة"؛ وبلوغ الأشد: أن يكتهل؛ ويستوفي السن التي فيها قوته؛ وعقله؛ وذلك إذا أناف على الثلاثين؛ وناطح الأربعين؛ وعن قتادة: ثلاث وثلاثون سنة؛ ووجهه أن يكون ذلك أول الأشد؛ وغايته الأربعون؛ وبلغ أربعين سنة قال رب أوزعني ؛ ألهمني؛ أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي ؛ المراد به نعمة التوحيد؛ والإسلام؛ وجمع بين شكري النعمة عليه وعلى والديه؛ لأن النعمة عليهما نعمة عليه؛ وأن أعمل صالحا ترضاه ؛ قيل: هي الصلوات الخمس؛ وأصلح لي في ذريتي ؛ أي: اجعل ذريتي موقعا للصلاح؛ ومظنة له؛ إني تبت إليك ؛ من كل ذنب؛ وإني من المسلمين ؛ من المخلصين .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية