الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله عز وجل:

إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية يرجون تجارة لن تبور ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله إنه غفور شكور والذي أوحينا إليك من الكتاب هو الحق مصدقا لما بين يديه إن الله بعباده لخبير بصير

قال مطرف بن عبد الله بن الشخير : "هذه آية القراء"، وهذا على أن "يتلون" [ ص: 218 ] بمعنى: يقرأون، وإن جعلناها بمعنى: يتبعون، صح معنى الآية، وكانت في القراء وغيرهم ممن اتصف بأوصاف الآية، و"كتاب الله" هو القرآن، و"إقامة الصلاة" إقامتها بجميع شروطها، و"النفقة" هي في الصدقات ووجوه البر، فالسر من ذلك هو التطوع، والعلانية هو المفروض، و"يرجون" جملة في موضع رفع خبر "إن"، و"تبور" معناها: تكسد ويتعذر ربحها، ويقال: "نعوذ بالله من بوار الأيم".

واللام في "ليوفيهم" متعلقة بفعل مضمر يقتضيه لفظ الآية، تقديره: وعدهم بألا تبور إن فعلوا ذلك كله وأطاعوه، ونحو هذا من التقدير. وقوله: "ويزيدهم" قالت فرقة: هو تضعيف الحسنات من العشر إلى السبعمائة، وتوفية الأجور - على هذا - هي المجازاة مقابلة. وقالت فرقة: إن التضعيف داخل في توفية الأجور، وأما الزيادة من فضله فهي; إما النظر إلى وجهه الكريم وإما الشفاعة في غيرهم، كما قال تبارك وتعالى: للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ، و"غفور" معناه: متجاوز عن الذنوب ساتر لها، و"شكور" معناه: مجاز على اليسير من الطاعة، مقرب لعبده به.

ثم ثبت تعالى أمر نبيه بقوله: والذي أوحينا إليك الآية، و"مصدقا" حال مؤكدة، والذي بين يدي القرآن هو التوراة والإنجيل، وقوله تعالى: إن الله بعباده لخبير بصير وعيد.

التالي السابق


الخدمات العلمية