الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      قال أرأيتك هذا الذي كرمت علي لئن أخرتن إلى يوم القيامة لأحتنكن ذريته إلا قليلا

                                                                                                                                                                                                                                      قال أي: إبليس لكن لا عقيب كلامه المحكي بل بعد الإنظار المترتب على استنظاره المتفرع على الأمر بخروجه من بين الملأ الأعلى باللعن المؤبد، وإنما لم تصرح بذلك اكتفاء بما ذكر في مواضع أخر، فإن توسيط "قال" بين كلامي اللعين للإيذان بعدم اتصال الثاني بالأول، وعدم ابتنائه عليه بل على غيره كما في قوله تعالى: قال فما خطبكم بعد قوله تعالى: قال ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون . أرأيتك هذا الذي كرمت علي "الكاف" لتأكيد الخطاب لا محل لها من الإعراب، وهذا مفعول أول، والموصول صفته، والثاني محذوف لدلالة الصلة عليه، أي: أخبرني عن هذا الذي كرمته علي بأن أمرتني بالسجود له لم كرمته علي، وقيل: "هذا" مبتدأ حذف عنه حرف الاستفهام، والموصول مع صلته خبره، ومقصوده الاستصغار والاستحقار، أي: أخبرني أهذا من كرمته علي؟ وقيل: معنى "أرأيتك" أتأملت، كأن المتكلم ينبه المخاطب على استحضار ما يخاطبه به عقيبه. لئن أخرتن حيا إلى يوم القيامة كلام مبتدأ، واللام موطئة للقسم، وجوابه قوله: لأحتنكن ذريته أي: لأستأصلنهم من قولهم: احتنك الجراد الأرض إذا جرد ما عليها أكلا، أو لأقودنهم حيث ما شئت، ولأستولين عليهم استيلاء قويا من قولهم حنكت الدابة، واحتنكتها. إذا جعلت في حنكها الأسفل حبلا تقودها به، وهذا كقوله: لأزينن لهم في الأرض ولأغوينهم أجمعين وإنما علم تسني ذلك المطلب له تلقيا من جهة الملائكة عليهم الصلاة والسلام، أو استنباطا من قولهم: أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء أو توسما من خلقه. إلا قليلا منهم، وهم المخلصون الذين عصمهم الله تعالى.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية