الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 21 ] قال علمها عند ربي في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : قال علمها عند ربي فإن معناه : أنه من الغيوب التي لا يعلمها إلا الله تعالى ، وإنما أنا عبد لا أعلم منها إلا ما علمنيه من الأمور المتعلقة بما أرسلت به ، ولو كان المسؤول عنه ما ذكر من الشقاوة والسعادة ، لأجيب ببيان أن من اتبع الهدى منهم فقد سلم ، ومن تولى فقد عذب حسبما نطق به قوله تعالى : "والسلام.." الآيتين .

                                                                                                                                                                                                                                      في كتاب أي : مثبت في اللوح المحفوظ بتفاصيله ، ويجوز أن يكون ذلك تمثيلا لتمكنه . وتقرره في علم الله عز وجل بما استحفظه العالم وقيده بالكتبة ، كما يلوح به قوله تعالى : لا يضل ربي ولا ينسى أي : لا يخطئ ابتداء ، ولا يذهب علمه بقاء بل ثابت أبدا ، فإنهما محالان عليه سبحانه ، وهو على الأول لبيان أن إثباته في اللوح ليس لحاجته تعالى إليه في العلم به ابتداء أو بقاء . وإظهار "ربي" في موقع الإضمار للتلذذ بذكره ، ولزيادة التقرير ، والإشعار بعلة الحكم ، فإن الربوبية مما يقتضي عدم الضلال والنسيان حتما .

                                                                                                                                                                                                                                      .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية