الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      وأيوب إذ نادى ربه أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين

                                                                                                                                                                                                                                      وأيوب الكلام فيه كما مر في قوله تعالى : "وداود وسليمان" أي : واذكر خبر أيوب إذ نادى ربه أني أي : بأني مسني الضر وقرئ بالكسر على إضمار القول ، أو تضمين النداء معناه ، والضر شائع في كل ضرر ، وبالضم خاص بما في النفس من مرض وهزال ونحوهما .

                                                                                                                                                                                                                                      وأنت أرحم الراحمين وصفه تعالى بغاية الرحمة بعد ما ذكر نفسه بما يوجبها واكتفى به عن عرض المطلب لطفا في السؤال ، وكان عليه السلام روميا من ولد عيص بن إسحاق ، استسبأه الله تعالى وكثر أهله وماله ، فابتلاه الله تعالى بهلاك أولاده بهدم بيت عليهم وذهاب أمواله ، والمرض في بدنه ثماني عشرة سنة أو ثلاث عشرة سنة أو سبعا وسبعة أشهر وسبعة أيام وسبع ساعات . روي أن امرأته ماخير بنت ميشا بن يوسف عليه السلام ، أو رحمة بنت إفرايم بن يوسف قالت له يوما : لو دعوت الله تعالى ، فقال : كم كانت مدة الرخاء ؟ فقالت : ثمانين سنة ، فقال : استحي من الله تعالى أن أدعوه وما بلغت مدة بلائي مدة رخائي . وروي أن إبليس أتاها على هيئة عظيمة فقال : أنا إله الأرض فعلت بزوجك ما فعلت لأنه تركني وعبد إله السماء فلو سجد لي سجدة لرددت عليه وعليك جميع ما أخذت منكما . وفي رواية لو سجدت لي سجدة لرجعت المال والولد وعافيت زوجك ، فرجعت إلى أيوب وكان ملقى في الكناسة لا يقرب منه أحد فأخبرته بالقصة ، فقال عليه السلام : كأنك افتتنت بقول اللعين ، لئن عافاني الله عز وجل لأضربنك مائة سوط وحرام علي أن أذوق بعد هذا شيئا من طعامك وشرابك فطردها ، فبقي طريحا على الكناسة لا يحوم حوله أحد من الناس ، فعند ذلك خر ساجدا فقال : "رب أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين " فقيل له : ارفع رأسك فقد استجبت لك ، اركض برجلك فركض ، فنبعت من تحته عين ماء فاغتسل منها فلم يبق في ظاهر بدنه دابة إلا سقطت ، ولا جراحة إلا برئت ، ثم ركض مرة أخرى فنبعت عين أخرى فشرب منها ، فلم يبق في جوفه داء إلا خرج وعاد صحيحا .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية