الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة فاتقوا الله لعلكم تشكرون

                                                                                                                                                                                                                                      ولقد نصركم الله ببدر جملة مستأنفة سيقت لإيجاب الصبر والتقوى بتذكير ما ترتب عليهما من النصر إثر تذكير ما ترتب على عدمهما من الضرر. وقيل: لإيجاب التوكل على الله تعالى بتذكير ما يوجبه، و "بدر" اسم ماء بين مكة والمدينة كان لرجل اسمه بدر بن كلدة فسمي باسمه. وقيل: سمي به لصفائه كالبدر واستدارته. وقيل: هو اسم الموضع أو الوادي، وكانت وقعة بدر في السابع عشر من شهر رمضان سنة اثنتين من الهجرة. وأنتم أذلة حال من مفعول "نصركم"، و "أذلة" جمع ذليل وإنما جمع جمع قلة للإيذان باتصافهم حينئذ بوصفي القلة، والذلة إذ كانوا ثلاثمائة وبضعة عشر وكان ضعف حالهم في الغاية خرجوا على النواضح يتعقب النفر منهم على البعير الواحد ولم يكن في العسكر إلا فرس واحد. وقيل: فرسان للمقداد ومرثد وتسعون بعيرا وست أدرع وثمانية سيوف، وكان العدو زهاء ألف ومعهم مائة فرس وشكة وشوكة. فاتقوا الله اقتصر على الأمر بالتقوى مع كونه مشفوعا بالصبر فيما سبق وما لحق للإشعار بأصالته وكون الصبر من مباديه اللازمة له، ولذلك قدم عليه في الذكر، وفي ترتيب الأمر بالتقوى على الإخبار بالنصر إيذان بأن نصرهم المذكور كان بسبب تقواهم، أي: إذا كان الأمر كذلك فاتقوا الله كما اتقيتم يومئذ. لعلكم تشكرون أي: راجين أن تشكروا ما ينعم به عليكم بتقواكم من النصرة كما شكرتم فيما قبل أو لعلكم ينعم الله عليكم بالنصر كما فعل ذلك من قبل فوضع الشكر موضع سببه الذي هو الإنعام.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية