الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين .

                                                                                                                                                                                                                                      واستعينوا بالصبر والصلاة : متصل بما قبله؛ كأنهم لما كلفوا ما فيه مشقة - من ترك الرياسة؛ والإعراض عن المال - عولجوا بذلك؛ والمعنى: استعينوا على حوائجكم بانتظار النجح؛ والفرج؛ توكلا على الله (تعالى)؛ أو بالصوم الذي هو الصبر عن المفطرات؛ لما فيه من كسر الشهوة؛ وتصفية النفس؛ والتوسل في الصلاة؛ والالتجاء إليها؛ فإنها جامعة لأنواع العبادات النفسانية؛ والبدنية؛ من الطهارة؛ وستر العورة؛ وصرف المال فيهما؛ والتوجه إلى الكعبة؛ والعكوف على العبادة؛ وإظهار الخشوع بالجوارح؛ وإخلاص النية بالقلب؛ ومجاهدة الشيطان؛ ومناجاة الحق؛ وقراءة القرآن؛ والتكلم بالشهادة؛ وكف النفس عن الأطيبين؛ حتى تجابوا إلى تحصيل المآرب؛ وجبر المصائب؛ روي أنه - عليه الصلاة والسلام - كان إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة؛ ويجوز أن يراد بها الدعاء. وإنها : أي الاستعانة بهما؛ أو الصلاة؛ وتخصيصها برد الضمير إليها لعظم شأنها؛ واشتمالها على ضروب من الصبر؛ كما في قوله (تعالى): وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها ؛ أو جملة ما أمروا بها؛ ونهوا عنها. لكبيرة : لثقيلة؛ شاقة؛ كقوله (تعالى): كبر على المشركين ما تدعوهم إليه ؛ إلا على الخاشعين : الخشوع: الإخبات؛ ومنه "الخشعة"؛ للرملة المتطامنة. والخضوع: اللين؛ والانقياد؛ ولذلك يقال: الخشوع بالجوارح؛ والخضوع بالقلب. وإنما لم تثقل عليهم لأنهم يتوقعون ما أعد لهم بمقابلتها؛ فتهون عليهم؛ ولأنهم يستغرقون في مناجاة ربهم؛ فلا يدركون ما يجري عليهم من المشاق والمتاعب؛ ولذلك قال - عليه الصلاة والسلام -: "وقرة عيني في الصلاة"؛ والجملة حالية؛ أو اعتراض تذييلي.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية