الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة وجاهدوا في سبيله لعلكم تفلحون

                                                                                                                                                                                                                                      يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله لما ذكر عظم شأن القتل والفساد وبين حكمهما ، وأشير في تضاعيف ذلك إلى مغفرته تعالى لمن تاب من جنايته ، أمر المؤمنون بأن يتقوه تعالى في كل ما يأتون وما يذرون ، بترك ما يجب اتقاؤه من المعاصي التي من جملتها ما ذكر من القتل والفساد ، وبفعل الطاعات التي من زمرتها السعي في إحياء النفوس ، ودفع الفساد ، والمسارعة إلى التوبة والاستغفار .

                                                                                                                                                                                                                                      وابتغوا ; أي : اطلبوا لأنفسكم ، إليه ; أي : إلى ثوابه والزلفى منه .

                                                                                                                                                                                                                                      الوسيلة هي فعيلة بمعنى : ما يتوسل به ويتقرب إلى الله تعالى من فعل الطاعات وترك المعاصي ، من وسل إلى كذا ; أي : تقرب إليه بشيء . و" إليه " متعلق بها ، قدم عليها للاهتمام به ، وليست بمصدر حتى لا تعمل فيما قبلها ، ولعل المراد بها : الاتقاء المأمور به ، فإنه ملاك الأمر كله كما أشير إليه ، وذريعة لنيل كل خير ، ومنجاة من كل ضير ، فالجملة حينئذ جارية مما قبلها مجرى البيان والتأكيد ، أو مطلق الوسيلة وهو داخل فيها دخولا أوليا . وقيل : الجملة الأولى أمر بترك المعاصي ، والثانية أمر بفعل الطاعات .

                                                                                                                                                                                                                                      وحيث كان في كل من ترك المعاصي المشتهاة للنفس ، وفعل الطاعات المكروهة لها كلفة ومشقة ، عقب الأمر بهما بقوله تعالى : وجاهدوا في سبيله بمحاربة أعدائه البارزة والكامنة ، لعلكم تفلحون بنيل مرضاته والفوز بكراماته . [ ص: 33 ]

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية