الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وقال قرينه هذا ما لدي عتيد ألقيا في جهنم كل كفار عنيد مناع للخير معتد مريب الذي جعل مع الله إلها آخر فألقياه في العذاب الشديد قال قرينه ربنا ما أطغيته ولكن كان في ضلال بعيد قال لا تختصموا لدي وقد قدمت إليكم بالوعيد ما يبدل القول لدي وما أنا بظلام للعبيد

                                                                                                                                                                                                                                        يقول تعالى: وقال قرينه أي: قرين هذا المكذب المعرض، من الملائكة، الذين وكلهم الله على حفظه، وحفظ أعماله، فيحضره يوم القيامة ويحضر أعماله ويقول: هذا ما لدي عتيد أي: قد أحضرت ما جعلت عليه، من حفظه، وحفظ عمله، فيجازى بعمله.

                                                                                                                                                                                                                                        ويقال لمن استحق النار: ألقيا في جهنم كل كفار عنيد أي: كثير الكفر والعناد لآيات الله، المكثر من المعاصي، المجترئ على المحارم والمآثم.

                                                                                                                                                                                                                                        مناع للخير أي: يمنع الخير الذي قبله الذي أعظمه، الإيمان بالله وملائكته وكتبه، ورسله، مناع لنفع ماله وبدنه، معتد على عباد الله، وعلى [ ص: 1702 ] حدوده مريب أي: شاك في وعد الله ووعيده، فلا إيمان ولا إحسان ولكن وصفه الكفر والعدوان، والشك والريب، والشح، واتخاذ الآلهة من دون الرحمن، ولهذا قال: الذي جعل مع الله إلها آخر أي: عبد معه غيره، ممن لا يملك لنفسه نفعا، ولا ضرا، ولا موتا ولا حياة، ولا نشورا، فألقياه أيها الملكان القرينان في العذاب الشديد الذي هو معظمها وأشدها وأشنعها.

                                                                                                                                                                                                                                        قال قرينه الشيطان، متبرئا منه، حاملا عليه إثمه: ربنا ما أطغيته لأني لم يكن لي عليه سلطان، ولا حجة ولا برهان، ولكن كان في الضلال البعيد، فهو الذي ضل وأبعد عن الحق باختياره، كما قال في الآية الأخرى: وقال الشيطان لما قضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم الآية .

                                                                                                                                                                                                                                        قال الله تعالى مجيبا اختصامهم: لا تختصموا لدي أي: لا فائدة في اختصامكم عندي، ( و ) الحال أني " قد قدمت إليكم بالوعيد " أي: جاءتكم رسلي بالآيات البينات، والحجج الواضحات، والبراهين الساطعات، فقامت عليكم حجتي، وانقطعت حجتكم، وقدمتم علي بما أسلفتم من الأعمال التي وجب جزاؤها.

                                                                                                                                                                                                                                        ما يبدل القول لدي أي: لا يمكن أن يخلف ما قاله الله وأخبر به، لأنه لا أصدق من الله قيلا ولا أصدق حديثا.

                                                                                                                                                                                                                                        وما أنا بظلام للعبيد بل أجزيهم بما عملوا من خير وشر، فلا يزاد في سيئاتهم، ولا ينقص من حسناتهم.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية