الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          صفحة جزء
                                                                          ( الثامن : وطء يوجب الغسل ) وهو تغييب حشفة أصلية في فرج أصلي ، قبلا كان أو دبرا من آدمي أو غيره لقوله تعالى : { فمن فرض فيهن الحج فلا رفث } .

                                                                          قال ابن عباس : هو الجماع لقوله تعالى : { أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم } ( وهو ) أي الوطء ( يفسد النسك قبل تحلل أول ) حكاه ابن المنذر إجماعا ولو بعد وقوف نصا لأن بعض الصحابة قضوا بفساد الحج ولم يستفصلوا

                                                                          وحديث { من وقف بعرفة فقد تم حجه } أي قاربه وأمن فواته ولا فرق بين عامد وناس وجاهل وعالم ومكره وغيره لما تقدم ( وعليهما ) أي الواطئ والموطوءة ( المضي في فاسده ) أي النسك ولا يخرج منه بالوطء روي عن عمر وعلي وأبي هريرة وابن عباس وحكمه كالإحرام الصحيح لقوله تعالى : { وأتموا الحج والعمرة لله } وروي مرفوعا " أمر المجامع بذلك " ولأنه معنى يجب به القضاء فلم يخرج منه كالفوات فيفعل بعد الإفساد كما كان يفعل قبله من وقوف وغيره ويجتنب ما يجتنبه قبله من وطء وغيره ، ويفدى لمحظور فعله بعده

                                                                          ( ويقضي ) من فسد نسكه بالوطء ، كبيرا كان أو صغيرا نصا ، واطئا أو موطوءا فرضا كان الذي أفسده أو نفلا ( فورا ) لقول ابن عمر " فإذا أدركت قابلا حج واهد " وعن ابن عباس وعبد الله بن عمر مثله رواه الدارقطني والأثرم وزاد " وحل إذا حلوا فإذا كان العام المقبل فاحجج أنت وامرأتك واهديا هديا فإن لم تحجوا فصوما ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتما " ( إن كان ) المفسد نسكه ( مكلفا ) لأنه لا عذر له في التأخير ( وإلا ) يكن مكلفا ، بل بلغ بعد انقضاء الحجة الفاسدة ( فيقضي بعد حجة الإسلام فورا ) لزوال عذره ويحرم من أفسد نسكه في القضاء ( من حيث أحرم أولا ) بما فسد ( إن كان ) إحرامه به ( قبل ميقات ) لأن القضاء يحكي الأداء ولأن دخوله في النسك سبب لوجوبه فيتعلق [ ص: 550 ] بموضع الإيجاب كالنذر ( وإلا ) يكن أحرم بما فسد قبل ميقات ، بل أحرم منه أو دونه إلى مكة ( ف ) إنه يحرم ( منه ) أي الميقات لأنه لا يجوز مجاوزته بلا إحرام

                                                                          ( ومن أفسد القضاء ) فوطئ فيه قبل التحلل الأول ( قضى الواجب ) الذي عليه بإفساد الأول و ( لا ) يقضي ( القضاء ) كقضاء صلاة أو صوم أفسده ولأن الواجب لا يزداد بقوته بل يبقى على ما كان ( ونفقة قضاء ) نسك ( مطاوعة ) على وطء ( عليها ) لقول ابن عمر " واهديا هديا " أضاف الفعل إليهما وقول ابن عباس " أهد ناقة ولتهد ناقة " ولإفسادها نسكا بمطاوعتها أشبهت الرجل .

                                                                          ( و ) نفقة قضاء نسك ( مكرهة على مكره ) ولو طلقها لإفساده نسكها كنفقة نسكه وقياسه : لو استدخلت ذكر نائم فعليها نفقة قضائه

                                                                          ( وسن تفرقهما ) أي واطئ وموطوءة ( في قضاء من موضع وطء فلا يركب معها في محمل ولا ينزل معها في فسطاط ) أي بيت شعر ( ولا نحوه ) كخيمة ( إلى أن يحلا ) من إحرام القضاء لحديث ابن وهب بإسناده عن سعيد بن المسيب { أن رجلا جامع امرأته وهما محرمان فسأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال لها : أتما حجكما ثم ارجعا وعليكما حجة أخرى من قابل ، حتى إذا كنتما في المكان الذي أصبتها فأحرما وتفرقا ولا يؤاكل أحد منكما صاحبه ثم أتما مناسككما واهديا } وروى سعيد والأثرم عن عمر وابن عباس نحوه .

                                                                          ( و ) الوطء ( بعده ) أي التحلل الأول ( لا يفسد نسكه ) لقول ابن عباس في رجل أصاب أهله قبل أن يفيض يوم النحر " ينحران جزورا بينهما وليس عليه حج من قابل " رواه مالك ولا يعرف له مخالف من الصحابة

                                                                          ( وعليه ) أي الواطئ بعد تحلل أول ( شاة ) لفساد إحرامه ( و ) عليه ( المضي للحل فيحرم ) منه يجمع في إحرامه بين الحل والحرم ( ليطوف ) للزيارة ( محرما ) لأن الحج لا يتم إلا به لأنه ركن ثم يسعى إن لم يكن سعى قبل الحج وتحلل ( و عمرة ) وطئ فيها ( كحج ) فيما سبق تفصيله ( فيفسدها ) وطء ( قبل تمام سعي لا بعده ) أي السعي ( وقبل حلق ) لأنه بعد تحلل أول ( وعليه ) بوطئه في عمرة ( شاة ) لنقص حرمة إحرامها عن الحج ، لنقص أركانها ودخولها فيه إذا جامعته ، سواء وطئ قبل تمام السعي أو بعده قبل الحلق ( ولا فدية على مكرهة ) في وطء في حج أو عمرة لحديث { وما استكرهوا عليه } ومثلها النائمة ولا يلزم الواطئ أن يفدي عنهما أي النائمة والمكرهة

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية