الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          صفحة جزء
                                                                          فصل ويحرم قلع شجره أي حرم مكة الذي لم يزرعه آدمي إجماعا لقوله صلى الله عليه وسلم : { ولا يعضد شجرها } .

                                                                          ( و ) يحرم قلع ( حشيشه ) أي الحرم لقوله صلى الله عليه وسلم : { ولا يحش حشيشها } ( حتى الشوك ولو ضر ) لعموم { لا يختلى شوكها } .

                                                                          ( و ) حتى ( السواك ونحوه والورق ) لدخوله في مسمى الشجر ( إلا اليابس ) من شجر وحشيش لأنه كميت .

                                                                          ( و ) إلا ( الإذخر ) لقول العباس { يا رسول الله إلا الإذخر فإنه لقينهم وبيوتهم قال : إلا الإذخر } وهو نبت طيب الرائحة والقين الحداد ( و ) إلا ( الكمأة والفقع ) معروفان لأنهما لا أصل لهما ( و ) إلا ( الثمرة ) لأنها تستخلف

                                                                          ( و ) إلا ( ما زرعه ) آدمي من زرع وبقل ورياحين إجماعا نصا ( حتى من الشجر ) لأنه أنبته آدمي كزرع وعوسج ولأنه مملوك الأصل كالأنعام وقوله صلى الله عليه وسلم : { لا يقطع شجرها } المراد : ما لا يملكه أحد ; لأن هذا يضاف إلى مالكه ( ويباح رعي حشيشة ) أي الحرم لأن الهدايا كانت تدخل الحرم فتكثر فيه ولم ينقل سد أفواهها ولدعاء الحاجة إليه أشبه قطع الإذخر بخلاف الاحتشاش لها ( و ) يباح ( انتفاع بما زال ) من شجر الحرم ( أو انكسر منه بغير فعل آدمي ولو لم يبن ) أي ينفصل لتلفه فصار [ ص: 566 ] كالظفر المنكسرة فإن قطعه آدمي لم ينتفع به هو ولا غيره كصيد ذبحه محرم ( وتضمن شجرة ) قلعت أو كسرت ( صغيرة عرفا بشاة

                                                                          و ) يضمن ( ما فوقها ) أي الصغيرة من الشجر ، وهي المتوسطة والكبيرة ( ببقرة ) لقول ابن عباس " في الدوحة بقرة وفي الجذلة شاة " قال : والدوحة : الشجرة العظيمة والجذلة الصغيرة ( ويخير بين ذلك ) أي الشاة والبقرة فيذبحها ويفرقها أو يطلقها لمساكين الحرم ( وبين تقويمه ) أي المذكور من شاة أو بقرة بدراهم ( ويفعل بقيمته كجزاء الصيد ) بأن يشتري بها طعاما يجزئ في فطرة فيطعم كل مسكين مد بر ، أو نصف صاع من غيره ، أو يصوم عن طعام كل مسكين يوما .

                                                                          ( و ) يضمن ( حشيش وورق بقيمته ) نصا لأنه متقوم ويفعل بقيمته كما سبق .

                                                                          ( و ) يضمن ( غصن بما نقص ) كأعضاء الحيوان وكما لو جنى على مال آدمي فنقص ويفعل بأرشه كما مر ( فإن استخلف شيء منها ) أي الشجر والحشيش والورق ونحوه ( سقط ضمانه ) كريش صيد نتفه وعاد ( كرد شجرة فتنبت ويضمن نقصها ) أي المردودة إن نقصت بالرد

                                                                          ( ولو ) قلع شجرة من الحرم ثم ( غرسها في الحل وتعذر ردها أو يبست ضمنها ) لإتلافها ( فلو قلعها ) أي المنقولة من الحرم إلى الحل ( غيره ) أي الغارس لها بالحل ( ضمنها ) القالع ( وحده ) لأنه المتلف لها ( ويضمن منفر صيدا ) من الحرم ( قتل بالحل ) لتفويته حرمته ولا ضمان على قاتله بالحل ( وكذا مخرجه ) أي صيد الحرم إلى الحل ، فيقتل به فيضمنه ( إن لم يرده ) إلى الحرم فإن رده إليه فلا ضمان والفرق : أن الشجر لا ينتقل بنفسه ولا تزول حرمته بإخراجه ويجب رده على مخرجه فكان جزاؤه على متلفه ، بخلاف الصيد فإن تنفيره يفوت حرمته بإخراجه فلزمه جزاؤه

                                                                          ( فلو فداه ) أي الصيد الذي نفره أو أخرجه إلى الحل ( ثم ولد ) الصيد وقتل ولده ( لم يضمن ) منفر أو مخرج ( ولده ) لأنه ليس من صيد الحرم ( ويضمن غصن ) في هواء الحل ( أصله ) أي الغصن في الحرم ( أو بعض أصله بالحرم ) لتبعيته لأصله ، و ( لا ) يضمن ( ما ) قطعه من غصن ( بهواء الحرم وأصله بالحل ) لما سبق ( وكره إخراج تراب الحرم وإخراج حجارته إلى الحل ) نصا قال : لا يخرج من تراب الحرم ولا يدخل من الحل ، كذلك .

                                                                          قال ابن عمر وابن عباس [ ص: 567 ] ولا يخرج من حجارة مكة إلى الحل ، والخروج أشد كراهة

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية