الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          صفحة جزء
                                                                          فصل ثم يخرج للسعي من باب الصفا ( فيرقى الصفا ليرى البيت فيستقبله ويكبر ثلاثا ويقول ثلاثا : الحمد لله على ما هدانا لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو حي لا يموت ، بيده الخير وهو على كل شيء قدير لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، صدق وعده ، ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده ) لحديث جابر في صفة حجه صلى الله عليه وسلم { ثم خرج من الباب إلى الصفا فلما دنا من الصفا قرأ { " إن الصفا والمروة من شعائر الله } نبدأ بما بدأ الله به فبدأ بالصفا ، فرقى عليه ، حتى رأى البيت فاستقبل القبلة فوحد الله وكبر وقال - وذكر ما تقدم - ثم دعا بين ذلك وقال مثل هذا ثلاث مرات } لكن ليس فيه " يحيي ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير "

                                                                          والأحزاب الذين تحزبوا على النبي صلى الله عليه وسلم يوم الخندق : قريش وغطفان واليهود ( ويدعو بما أحب ) لحديث أبي هريرة : أن النبي صلى الله عليه وسلم { لما فرغ من طوافه أتى الصفا فعلا عليه ، حتى نظر إلى البيت ورفع يديه فجعل يدعو بما شاء أن يدعو } رواه مسلم ( ولا يلبي ) لعدم نقله ( ثم ينزل ) من الصفا ( فيمشي حتى يبقى بينه وبين العلم نحو ستة أذرع فيسعى ماش سعيا شديدا إلى العلم الآخر ) ميل أخضر بفناء المسجد حذاء دار العباس ( ثم يمشي حتى يرقى المروة ) مكان معروف وأصلها الحجارة البراقة التي يقدح منها النار ( فيقول ) مستقبل القبلة ( كما قال على الصفا ) من تكبير وتهليل ودعاء

                                                                          ( ويجب استيعاب ما بينهما ) أي الصفا والمروة ( فيلصق عقبه ) أي عقب رجليه ( بأصلهما ) أي الصفا والمروة في ابتدائه بكل منهما [ ص: 577 ] ويلصق أيضا أصابعه بما يصل إليه من كل منهما والراكب يفعل ذلك بدابته ، فمن ترك شيئا مما بينهما ولو دون ذراع لم يجزئه سعيه ( ثم ينزل ) من المروة ( فيمشي في موضع مشيه ويسعى في موضع سعيه إلى الصفا يفعله سعيا ذهابه سعية ورجوعه سعية ) يفتتح بالصفا ويختم بالمروة للخبر ( فإن بدأ بالمروة لم يحتسب بذلك الشوط ) ويكثر من الدعاء والذكر فيما بين ذلك .

                                                                          قال أحمد : كان ابن مسعود إذا سعى بين الصفا والمروة قال " رب اغفر وارحم واعف عما تعلم ، وأنت الأعز الأكرم " وقال صلى الله عليه وسلم : { إنما جعل رمي الجمار والسعي بين الصفا والمروة لإقامة ذكر الله تعالى } قال الترمذي : حسن صحيح

                                                                          ( ويشترط ) للسعي ( نية ) لحديث { إنما الأعمال بالنيات } ( و ) يشترط له ( موالاة ) قياسا على الطواف ( و ) يشترط ( كونه بعد طواف ) نسك ( ولو مسنونا ) كطواف القدوم لأنه صلى الله عليه وسلم { سعى بعد الطواف ، وقال : لتأخذوا عني مناسككم } فلو سعى بعد طوافه ثم علمه بلا طهارة أعاد السعي ولا يسن بعد كل طواف ( وتسن موالاته بينهما ) أي الطواف والسعي بأن لا يفرق بينهما طويلا .

                                                                          ( و ) تسن له ( طهارة ) من حدث وخبث ( وسترة ) فلو سعى عريانا أو محدثا أجزأه لكن ستر العورة واجب مطلقا

                                                                          و ( لا ) يسن فيه ( اضطباع ) نصا ( والمرأة لا ترقى ) الصفا ولا المروة لأنها عورة ( ولا تسعى سعيا شديدا ) لأنه لإظهار الجلد ولا يقصد ذلك في حقها بل المقصود منها الستر وذلك تعرض للانكشاف ( وتسن مبادرة معتمر بذلك ) أي بالطواف والسعي ، لفعله صلى الله عليه وسلم ( و ) يسن ( تقصيره ) أي المتمتع إذا لم يكن معه هدي ( ليحلق ) شعره ( ويتحلل متمتع ) لأن عمرته تمت بالطواف والسعي والتقصير ( لم يسق هديا ولو لبد رأسه ) لحديث ابن عمر { تمتع الناس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعمرة إلى الحج فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة قال : من كان معه هدي فإنه لا يحل من شيء أحرم منه حتى يقضي حجه ومن لم يكن معه هدي فليطف بالبيتوبالصفا والمروة وليقصر وليحل } متفق عليه ومن معه هدي أدخل الحج على العمرة ، ثم لا يحل حتى يحل منهما جميعا نصا والمعتمر غير المتمتع يحل ، سواء كان معه هدي أو لا في أشهر الحج أو غيرها

                                                                          وإن ترك الحلق أو التقصير في عمرته ووطئ قبله فعليه دم وعمرته صحيحة روي أن [ ص: 578 ] ابن عباس " سئل عن امرأة معتمرة وقع بها زوجها قبل أن تقصر : قال : من ترك من مناسكه شيئا أو نسيه فليهريق دما قيل : فإنها موسرة قال فلتنحر ناقة " ( ويقطع التلبية متمتع ومعتمر إذا شرع في الطواف ) نصا لحديث ابن عباس مرفوعا { كان يمسك عن التلبية في العمرة إذا استلم الحجر } .

                                                                          قال الترمذي : حسن صحيح ( ولا بأس بها ) أي التلبية ( في طواف القدوم نصا سرا ) قال الموفق : ويكره الجهر بها لئلا يخلط على الطائفين وكذا السعي بعده وتقدم

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية