الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          صفحة جزء
                                                                          ( وأقل سن حيض ) أي من امرأة يمكن أن تحيض ( تمام تسع سنين ) تحديدا . لأنه لم يوجد من النساء من تحيض قبل هذا السن . ولأنه خلق لحكمة تربية الولد ، وهذه لا تصلح للحمل ، فلا توجد فيها حكمته . وروي عن عائشة { إذا بلغت الجارية تسع سنين فهي امرأة } وروي مرفوعا عن ابن عمر ،

                                                                          والمراد حكمها حكم المرأة . فمتى رأت دما يصلح أن يكون حيضا حكم بكونه حيضا وببلوغها وإن رأته قبل هذا السن لم يكن حيضا ( وأكثره ) أي أكثر سن [ ص: 114 ] تحيض فيه النساء ( خمسون سنة ) لقول عائشة " إذا بلغت المرأة خمسين سنة خرجت من حد الحيض " وعنها أيضا " لن ترى المرأة في بطنها ولدا بعد الخمسين " ( والحامل لا تحيض ) نصا . لحديث أبي سعيد مرفوعا في سبي أوطاس { لا توطأ حامل حتى تضع ، ولا غير ذات حمل حتى تحيض } رواه أحمد وأبو داود . فجعل الحيض علما على براءة الرحم ، فدل على أنه لا يجتمع معه .

                                                                          وقال صلى الله عليه وسلم { لما طلق ابن عمر زوجته وهي حائض : ليطلقها طاهرا أو حاملا } فجعل الحمل علما على عدم الحيض ، كالطهر . احتج به أحمد . وقال : إنما تعرف النساء الحمل بانقطاع الدم . ولأنه زمن لا يرى فيه الدم غالبا ، فلم يكن ما تراه حيضا كالآيسة . فإذا رأت دما فهو دم فساد ، فلا تترك له الصلاة ولا يمنع زوجها من وطئها .

                                                                          ويستحب أن تغتسل بعد انقطاعه نصا ( وأقله ) أي أقل زمن يصلح أن يكون دمه حيضا ( يوم وليلة وأكثره خمسة عشر يوما ) بلياليها .

                                                                          لقول علي " ما زاد على خمسة عشر استحاضة ، وأقل الحيض يوم وليلة " ( وغالبه ست أو سبع ) { لقوله صلى الله عليه وسلم لحمنة تحيضي في علم الله ستة أيام أو سبعة ، ثم اغتسلي وصلي أربعة وعشرين يوما أو ثلاثة وعشرين يوما ، كما تحيض النساء وكما يطهرن لميقات } ( وأقل طهر بين حيضتين ثلاثة عشر يوما ) لما روى أحمد واحتج به عن " علي أن امرأة جاءته وقد طلقها زوجها ، فزعمت أنها حاضت في شهر ثلاث حيض .

                                                                          فقال علي لشريح : قل فيها . فقال شريح : إن جاءت ببينة من بطانة أهلها ممن يرضى دينه وأمانته فشهدت بذلك ، وإلا فهي كاذبة . فقال علي : قالون " أي جيد بالرومية . وهذا لا يقوله إلا توقيفا . وانتشر ، ولم يعلم خلافه ، ووجود ثلاث حيض في شهر : دليل على أن الثلاثة عشر طهر يقينا .

                                                                          قال أحمد : لا يختلف أن العدة تصح أن تنقضي في شهر إذا قامت به البينة ( و ) أقل الطهر ( زمن حيض ) أي في أثنائه ( خلوص النقاء ، بأن لا تتغير معه قطنة احتشت بها ) طال الزمن أو قصر ( ولا يكره وطؤها ) أي من انقطع دمها في أثناء عادتها واغتسلت ( زمنه ) أي زمن طهرها في أثناء حيضها . لأنه تعالى وصف الحيض بكونه أذى

                                                                          ، فإذا انقطع الدم واغتسلت فقد زال الأذى ( وغالبه ) أي الطهر بين الحيضتين ( بقية الشهر ) بعد ما حاضته منه . إذ الغالب أن المرأة تحيض في كل شهر حيضة ، فمن تحيض ستة أيام أو سبعة من الشهر ، فغالب طهرها أربعة [ ص: 115 ] وعشرون أو ثلاثة وعشرون يوما ( ولا حد لأكثره ) أي الطهر لأنه لم يرد تحديده شرعا . ومن النساء من لا تحيض الشهر والثلاث والسنة فأكثر ، ومنهن من لا تحيض أصلا .

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية