الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          صفحة جزء
                                                                          ( و ) يسن ( كونه قائما فيهما ) أي الأذان والإقامة ، لقوله صلى الله عليه وسلم لبلال " قم فأذن " وكان مؤذنو النبي صلى الله عليه وسلم يؤذنون قياما والإقامة أحد الأذانين ( فيكرهان ) أي الأذان والإقامة ( قاعدا ) أي من قاعد ( لغير مسافر ومعذور ) لمخالفة السنة .

                                                                          وكذا راكبا وماشيا ومضطجعا ، وصحا من نحو قاعد ; لأنهما ليسا بآكد من الخطبة ( و ) يسن كونه في الأذان والإقامة ( متطهرا ) من الحدثين . لحديث أبي هريرة مرفوعا { لا يؤذن إلا متوضئ } رواه الترمذي والبيهقي . .

                                                                          وروي موقوفا عن أبي هريرة وهو أصح .

                                                                          والإقامة آكد من الأذان ، لأنها أقرب إلى الصلاة ( فيكره أذان جنب ) لا محدث نصا .

                                                                          ( و ) تكره ( إقامة محدث ) للفصل بين الإقامة والصلاة بالوضوء ( و ) يسن كون أذان وإقامة ( على علو ) أي موضع عال ، كمنارة ، لأنه أبلغ في الإعلام .

                                                                          وروي عن امرأة من بني النجار قالت : " كان بيتي من أطول بيت حول المسجد ، وكان بلال يؤذن عليه الفجر ، فيأتي بسحر ، فيجلس على البيت ، فينتظر إلى الفجر ، فإذا رآه تمطى ، ثم قال : اللهم إني أستعينك وأستهديك على قريش أن يقيموا دينك . قالت : ثم يؤذن " رواه أبو داود .

                                                                          ( و ) يسن ( كونه رافعا وجهه ) إلى السماء في أذانه كله . ويسن أيضا كونه ( جاعلا سبابتيه في أذنيه ) لقول أبي جحيفة " إن بلالا وضع إصبعيه في أذنيه " رواه أحمد والترمذي وقال : حسن صحيح .

                                                                          وعن سعد القرظ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم { أمر بلالا أن يجعل إصبعيه في أذنيه ، وقال : إنه أرفع لصوتك } رواه ابن ماجه .

                                                                          ( و ) يسن أيضا كونه ( مستقبل القبلة ) لفعل مؤذني النبي صلى الله عليه وسلم فإن أخل به كره .

                                                                          ( و ) يسن كونه ( يتلفت ) برأسه وعنقه وصدره ( يمينا لحي على الصلاة ، وشمالا لحي على الفلاح ) في الأذان والإقامة ( ولا يزيل قدميه ) لقول أبي جحيفة قال : " رأيت بلالا يؤذن ، فجعلت أتتبع فاه ههنا وههنا ، يقول يمينا وشمالا : حي على الصلاة ، حي على الفلاح " متفق عليه .

                                                                          وسواء كان على منارة أو غيرها ( و ) سن أيضا ( أن يتولاهما ) أي الأذان والإقامة رجل ( واحد ) أي أن يتولى الإقامة من يقول الأذان . لما في حديث زياد بن الحارث الصدائي حين أذن قال : فأراد بلال أن يقيم فقال النبي صلى الله عليه وسلم : [ ص: 136 ] { يقيم أخو صداء فإنه من أذن فهو يقيم } رواه أحمد وأبو داود وكالخطبتين ويسن أيضا كونهما ( بمحل واحد ) بأن يقيم بالموضع الذي أذن فيه .

                                                                          لقول بلال للنبي صلى الله عليه وسلم { لا تسبقني بآمين } لأنه لو كان يقيم بالمسجد لما خاف أن يسبقه بها ، كذا استنبطه أحمد واحتج به . ولقول ابن عمر " كنا إذا سمعنا الإقامة توضأنا ثم خرجنا إلى الصلاة " ولأنه أبلغ في الإعلام ، وكالخطبة الثانية ( ما لم يشق ) ذلك على المؤذن ، كمن أذن في منارة أو كان بعيدا عن المسجد ، فيقيم فيه ، لئلا يفوته بعض الصلاة ، لكن لا يقيم إلا بإذن الإمام .

                                                                          ولا تعتبر الموالاة بين الإقامة والصلاة ، إن أقام عند إرادة الدخول فيها . ويجوز الكلام بعد الإقامة قبل الدخول في الصلاة . .

                                                                          وروي عن عمر .

                                                                          ( و ) يسن أيضا ( أن يجلس ) مؤذن ( بعد أذان ما ) أي صلاة ( يسن تعجيلها ) كمغرب ( جلسة خفيفة ، ثم يقيم ) الصلاة لحديث أبي بن كعب مرفوعا { يا بلال اجعل بين أذانك وإقامتك نفسا ، يفرغ الآكل من طعامه في مهل ، ويقضي حاجته في مهل } رواه عبد الله بن أحمد .

                                                                          وعن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لبلال { اجعل بين أذانك وإقامتك قدر ما يفرغ الآكل من أكله والشارب من شربه ، والمقتضي إذا دخل لقضاء حاجته } رواه أبو داود والترمذي . وليتمكن الآكل من نحو إدراك الصلاة مع الإمام

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية