الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          صفحة جزء
                                                                          ( وإن غصب ما خاط به جرح ) حيوان [ ص: 301 ] من آدمي أو غيره ( وخيف بقلعه ) أي الخيط ( ضرر آدمي أو تلف ) أي : موت حيوان ( غيره ) أي : الآدمي ( ف ) الواجب ( قيمته ) لمالكه لتأكد حرمة الآدمي . ولهذا جاز له أخذ مال غيره لحفظ حياته وحرمة الحيوان آكد من بقية الأموال . ولهذا جاز إتلاف غيره وهو ما يطعمه الحيوان لأجل تبقيته ( وإن حل ) حيوان خيط جرحه بمغصوب ( لغاصب ) كشاة وبقرة ونحوهما وخيف موت بقلعه ( أمر ) غاصب ( بذبحه ) أي : الحيوان ( ويرده ) أي : الخيط المغصوب ولو نقص الحيوان بذبحه أكثر من قيمة الخيط ، أو لم يعد للذبح كالخيل كما لو بني على المغصوب .

                                                                          فإن كان المخيط جرحه به غير محترم كخنزير ومرتد وجب قلعه ورده في الحال كما لو خاط به ثوبا وإن كان الحيوان غير مأكول أو كان مأكولا ، لكن لغير الغاصب لم يذبح ( ك ) ما يرد الخيط ( بعد موت ) حيوان ( غير آدمي ) ; لأنه لا حرمة له بعد موته بخلاف الآدمي ، لبقاء حرمته فتتعين قيمته . ( ومن غصب جوهرة ) مثلا ( فابتلعتها بهيمة ) بتفريطه أو لا ( فكذلك ) أي حكمها حكم الخيط الذي خاط به جرحها ، ( ولو ابتلعت شاة شخص ) مثلا ( جوهرة آخر غير مغصوبة ولا تخرج ) أي : تعذر إخراج الجوهرة ( إلا بذبحها وهو ) أي : ذبحها ( أقل ضررا ) من ضرر تركها ( ذبحت وعلى رب الجوهرة ما نقص به ) أي : بالذبح ; لأنه لتخليص متاعه ( إن لم يفرط رب الشاة بكون يده عليها ) حين ابتلاعها الجوهرة .

                                                                          فإن كانت يده عليها فلا شيء على رب الجوهرة ; لأن التفريط من غيره . فكان الضرر على المفرط ( وإن حصل رأسها ) أي : الشاة ونحوها ( بإناء ولم يخرج ) رأسها ( إلا بذبحها أو كسره ) أي الإناء ( ولم يفرطا ) أي : رب الشاة ، ورب الإناء ( كسر ) الإناء ( وعلى مالكها أرشه ) ; لأنه لتخليص ماله ( ومع تفريطه ) أي : رب الشاة ( تذبح ) أي : الشاة ( بلا ضمان ) على رب الإناء ; لأن التفريط من جهته فهو أولى بالضرر ممن لم يفرط ( ومع تفريط ربه ) أي : الإناء كما لو أدخله بيده أو ألقى الإناء بالطريق ( يكسر بلا أرش ) على رب الشاة لما تقدم ( ويتعين في ) بهيمة ( غير مأكولة ) حصل رأسها بإناء ولم يخرج إلا بكسره ( كسره ) أي : الإناء وعلى ربها أرشه . إلا أن يكون التفريط من رب الإناء . وإن قال من وجب عليه الغرم : أنا أتلف مالي ولا أغرم شيئا . فله ذلك ( ويحرم ترك الحال على ما هو عليه ) أي : ترك رأس البهيمة في الإناء بلا ذبح ولا كسر . لأنه تعذيب حيوان . فإن لم يفرط رب الإناء وامتنع رب المأكولة من [ ص: 302 ] ذبحها ومن أرش كسر الإناء أو رب غير المأكولة من أرش الكسر أجبر ; لأنه من ضرورة تخليصها من العذاب ، فلزم ربها كعلفها .

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية