الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          صفحة جزء
                                                                          فصل فيما يدرك به وقت الصلاة وحكم قضائها ( أداء الصلاة ، حتى ) صلاة ( الجمعة يدرك بتكبيرة إحرام ) في الوقت ، سواء أخرها العذر أو لا . لحديث عائشة مرفوعا { من أدرك سجدة من العصر قبل أن تغرب الشمس أو من الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدركها } رواه مسلم .

                                                                          وللبخاري " فليتم صلاته " وكإدراك المسافر صلاة المقيم ، كإدراك الجماعة ( ولو ) كان الوقت الذي كبر فيه للإحرام ( آخر وقت ثانية في جمع ) فتكون التي أحرم بها فيه أداء ، كما لو [ ص: 145 ] لم يجمع ، فلا تبطل الصلاة التي أحرم بها لخروج وقتها ، بل يتمها أداء ( ومن جهل الوقت ) فلم يدر : أدخل أم لا ؟ ( ولا تمكنه مشاهدة ) ما يعرف به الوقت لعمى أو مانع ما .

                                                                          ( ولا مخبر عن يقين ) بدخول الوقت ( صلى إذا ظن دخوله ) أي الوقت ، بدليل : من اجتهاد أو تقدير الزمن بصنعة . أو قراءة ونحوه ; لأنه أمر اجتهادي . فاكتفى فيه بغلبة الظن كغيره . ويستحب تأخيره حتى يتيقن دخول الوقت ، قاله ابن تميم وغيره : فإن صلى مع الشك أعاد مطلقا ، لأن الأصل عدم دخوله .

                                                                          وإن أمكنه المشاهدة أو مخبر عن يقين عمل به دون ظنه ( ويعيد إن ) اجتهد وتبين له أنه ( أخطأ ) الوقت ( فصلى قبله ) لوقوعها نفلا وبقاء فرضه عليه ، فإن لم يتبين له الخطأ ، فلا إعادة ( ويعيد أعمى عاجز ) عن معرفة الوقت ( عدم مقلدا ) بفتح اللام أي من يقلده في دخول الوقت ( مطلقا ) أي أخطأ أو أصاب ; لأن فرضه التقليد ولم يوجد .

                                                                          وفهم منه : أنه لو قدر الأعمى على الاستدلال للوقت ففعل . لا إعادة عليه : ما لم يتبين له الخطأ ( ويعمل بأذان ثقة عارف ) بأوقات الصلاة بالساعات . لأن الأذان شرع للإعلام بدخول الوقت ، فلو لم يجز العمل به لم تحصل فائدته . ولم يزل الناس يعملون بالأذان من غير نكير ، وكذا يعمل بأذانه إذا كان يقلد عارفا ، قاله المجد وغيره .

                                                                          وفي المبدع : يعمل بالأذان في دارنا وكذا في دار الحرب ، إن علم إسلامه ( وكذا إخباره ) أي الثقة العارف بالوقت ( بدخوله ) عن يقين فيجب العمل به ; لأنه خبر ديني ، فقل فيه الواحد كالرواية ، و ( لا ) يعمل بإخباره به ( عن ظن ) بل يجتهد هو حيث أمكنه فإن تعذر عليه الاجتهاد عمل بقوله .

                                                                          ذكره ابن تميم وغيره ( وإذا دخل وقت صلاة ) مكتوبة ( بقدر تكبيرة ) كما لو زالت الشمس ( ثم ) بعد مضي قدر تكبيرة فأكثر ( طرأ مانع ) في الصلاة ( كجنون وحيض ) ثم زال ( قضيت ) تلك الصلاة التي أدرك وقتها ، لوجوبها بدخوله على مكلف ، لا مانع به وجوبا مستقرا ، فإذا قام به مانع بعد ذلك لم يسقطها . فوجب قضاؤها عند زواله .

                                                                          ولا يلزمه قضاء ما بعدها ، ولو جمع إليها ( وإن طرأ ) على غير مكلف ( تكليف كبلوغ ) صغير وعقل مجنون ( ونحوه ) أي طرأ نحو التكليف كزوال مانع من حيض أو كفر ( وقد بقي ) من وقت مكتوبة ( بقدرها ) أي التكبيرة ( قضيت ) تلك الصلاة ( مع مجموعة [ ص: 146 ] إليها قبلها ) إن كانت ، فإن طرأ ذلك قبيل العصر قضى الظهر وحدها ،

                                                                          وإن كان قبيل الغروب قضى الظهر والعصر . وإن كان قبيل العشاء قضى المغرب ، وإن كان قبيل الفجر قضى المغرب والعشاء ، وإن كان قبيل الشمس قضى الفجر فقط . أما كون الوجوب يتعلق بقدر التكبيرة من الوقت : فلأنه إدراك فاستوى فيه الكثير والقليل ، كإدراك المسافر صلاة المقيم وإنما اعتبرت الركعة في الجمعة للمسبوق ; لأن الجماعة شرط لصحتها . فاعتبر إدراك الركعة في الجماعة ، لئلا يفوته الشرط في أكثرها . وأما وجوب قضائها مع مجموعة إليها قبلها ، فلأن وقت الثانية وقت للأولى حال العذر ، فإذا أدركه المعذور لزمه فرضها . كما يلزمه فرض الثانية

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية