الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          صفحة جزء
                                                                          و أركانها أربعة : موص ووصية وموصى به وموصى له . وقد أشار إلى الأول بقوله ( من مكلف لم يعاين الموت ) فإن عاينه لم تصح . لأنه لا قول له والوصية قول . قال في الفروع : ولنا خلاف هل تقبل التوبة ما لم يعاين ملك الموت ، أوما دام مكلفا أو ما لم يغرغر ؟ قال في تصحيح الفروع : والأقوال الثلاثة متقاربة . والصواب تقبل ما دام عقله ثابتا . .

                                                                          وفي مسلم [ ص: 454 ] وغيره " { يا رسول الله أي الصدقة أفضل ؟ فقال : أن تتصدق وأنت صحيح شحيح تخشى الفقر وتأمل الغنى . ولا تمهل حتى إذا بلغت الحلقوم قلت : لفلان كذا ولفلان كذا . وقد كان لفلان } " قال في شرح مسلم إما من عنده أو حكاية عن الخطابي : والمراد قاربت بلوغ الحلقوم ، إذ لو بلغته حقيقة لم تصح وصيته ولا صدقته ولا شيء من تصرفاته باتفاق الفقهاء ( ولو ) كان موص ( كافرا أو فاسقا ) أو امرأة أو قنا فيما عدا المال . وفيه وإن لم يعتق . فلا وصية لانتفاء ملكه ، وكذا مكاتب ونحوه ( أو أخرس ) بإشارة لصحة هبتهم فوصيتهم أولى . و ( لا ) تصح إن كان موص ( معتقلا لسانه بإشارة ) ولو مفهومة نصا لأنه غير مأيوس من نطقه . أشبه الناطق ( أو ) كان ( سفيها ) ووصى ( بمال ) فتصح لتمحضها نفعا له بلا ضرر كعباداته . ولأن الحجر عليه لحفظ ماله ولا إضاعة فيها له . لأنه إن عاش فماله له . وإن مات فله ثوابه ، وهو أحوج إليه من غيره . و ( لا ) تصح الوصية من سفيه ( على ولده ) لأنه لا يملك التصرف عليه بنفسه فوصيه أولى ( ولا ) تصح الوصية من موص إن كان ( سكران ) لأنه حينئذ غير عاقل أشبه المجنون . وطلاقه إنما وقع تغليظا عليه ( أو ) كان ( مبرسما ) فلا تصح وصيته . لأنه لا حكم لكلامه . أشبه المجنون . وكذا المغمى عليه . فإن كان يفيق أحيانا ووصى في إفاقته صحت .

                                                                          ( و ) تصح الوصية ( من مميز ) يعقلها لتمحضها نفعا له كإسلامه وصلاته لأنها صدقة يحصل له ثوابها بعد غناه من ماله ، فلا ضرر يلحقه في عاجل دنياه ولا أخراه بخلاف الهبة . و ( لا ) تصح من ( طفل ) لأنه لا يعقل الوصية ، ولا حكم لكلامه وأشار إلى الثاني من أركان الوصية بقوله ( بلفظ ) مسموع من الموصي بلا خلاف ( وبخط ) لحديث ابن عمر وتقدم أول الباب ( ثابت ) أنه خط موص ( بإقرار ورثة أو ) إقامة ( بينة ) أنه خطه . وقال القاضي في شرح المختصر : ثبوت الخط يتوقف على معاينة البينة أو الحاكم لفعل الكتابة لأن الكتابة عمل ، والشهادة على العمل طريقها الرؤية نقله الحارثي . والمقدم الأول . ولأن الوصية يتسامح فيها . ولهذا صح تعليقها . و ( لا ) تصح ( إن ختمها ) موص ( وأشهد عليها ) مختومة ولم يعلم الشاهد ما فيها ( ولم يتحقق أنها ) أي الوصية ( بخطه ) أي الموصي . لأن الشاهد لا يجوز له الشهادة بما فيها بمجرد هذا القول لعدم علمه بما فيها ، ككتاب القاضي إلى القاضي . [ ص: 455 ] فإن ثبت أنها خطه عمل بها لما تقدم . ويجب العمل بوصية ثبتت بشهادة أو إقرار ورثة ولو طالت مدتها ما لم يعلم رجوعه عنها . لأن حكمها لا يزول بتطاول الزمان ومجرد الاحتمال والشك كسائر الأحكام . والأولى كتابتها والإشهاد على ما فيها لأنه أحفظ لها . وعن أنس " كانوا يكتبون في صدور وصاياهم بسم الله الرحمن الرحيم . هذا ما أوصى به فلان أنه يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأن محمدا عبده ورسوله ، وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور ، وأوصى من ترك من أهله أن يتقوا الله ويصلحوا ذات بينهم ، ويطيعوا الله ورسوله إن كانوا مؤمنين ، وأوصاهم بما أوصى به إبراهيم بنيه ويعقوب : يا بني إن الله اصطفى لكم الدين . فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون " رواه سعيد

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية