الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          صفحة جزء
                                                                          ( ومن أدرك ) صيدا ( مجروحا متحركا فوق حركة مذبوح ، واتسع الوقت لتذكيته لم يبح إلا بها ) أي : بتذكيته لأنه مقدور عليه وفي حكم الحي حتى ( ولو خشى موته ، ولم يجد ما يذكيه به ) لأنه لا يباح بغير ذكاة مع وجود آلتها ، فكذا مع عدمها كسائر المقدور عليه ( وإن امتنع ) صيد جرح ( بعدوه فلم يتمكن من ذبحه حتى مات تعبا ف ) هو ( حلال ) بشروطه الآتية لأنه غير مقدور على تذكيته ، أشبه ما لو أدركه ميتا واختار ابن عقيل ، لا يحل لأن الإتعاب أعان على قتله كما لو تردى في ماء بعد جرحه ( وإن لم يتسع الوقت لها ) أي : لتذكيته ( فكميت ) يحل ( بأربعة شروط أحدها كون صائد أهلا لذكاة ) أي تحل ذبيحته لقوله صلى الله عليه وسلم { فإن أخذ الكلب ذكاة } متفق عليه والصائد بمنزلة المذكي . ( ولو ) كان الصائد ( أعمى ) فيحل صيده كذكاته ( فلا يحل صيد ) يفتقر إلى ذكاة بخلاف سمك وجراد ( شارك في قتله من لا تحل ذبيحته كمجوسي ومتولد بينه ) أي : بين مجوسي ( وبين كتابي ولو ) قتله ( بجارحة حتى ولو أسلم ) المجوسي ونحوه ( بعد إرساله ) أي : الجارح اعتبارا بحال الإرسال ، ولأنه اجتمع في قتله سبب إباحة وسبب تحريم فغلب التحريم ( وإن لم يصب مقتله ) أي : الصيد إلا ( أحدهما ) أي : أحد جارحي المسلم ونحو المجوسي ( عمل به ) فإن كان الذي أصاب مقتله جارح من تحل ذبيحته حل وبالعكس لا يحل ( ولو أثخنه ) أي : الصيد ( كلب مسلم ثم قتله كلب مجوسي وفيه حياة مستقرة حرم ) الصيد ( ويضمنه ) أي : المجوسي ( له ) أي : للمسلم بقيمته مجروحا ; لأنه أتلفه [ ص: 427 ] عليه .

                                                                          ( وإن أرسل مسلم كلبه ) لصيد ( فزجره مجوسي فزاد عدوه ) بزجر المجوسي له فقتل صيدا حل لأن الصائد هو المسلم ( أو رد عليه ) أي : على كلب مسلم ( كلب مجوسي الصيد فقتله ) كلب المسلم حل لانفراد جارح المسلم بقتله كما لو أمسك مجوسي شاة فذبحها مسلم ( أو ذبح ) مسلم ( ما ) أي صيدا ( أمسكه له مجوسي بكلبه وقد جرحه ) كلب المجوسي جرحا ( غير موح ) حل لحصول ذكاته المعتبرة من المسلم ( أو ارتد ) مسلم بين رميه وإصابة سهمه ( أو مات ) المسلم ( بين رميه وإصابته حل ) الصيد اعتبارا بحال الرمي . ( وإن رمى ) مسلم ( صيدا فأثبته ثم رماه ) ثانيا ( أو ) رماه ( آخر فقتله أو أوحاه ) الثاني ( بعد إيحاء الأول لم يحل ) لأنه صار مقدورا عليه بإثباته فلا يباح إلا بذبحه ( ولمثبته قيمته مجروحا ) على راميه الثاني لأنه أتلفه عليه ( حتى ولو أدرك الأول ذكاته فلم يذكه إلا أن يصيب ) الرامي ( الأول مقتله ) كحلقومه أو قلبه فيحل ( أو ) يصيب الرامي ( الثاني مذبحه فيحل ) لأنه مذكى .

                                                                          ( وعلى الثاني أرش خرق جلده ) لتنقيصه له وإن وجداه ميتا حل لأن الأصل بقاء امتناعه ( ولو كان المرمي قنا ) للغير ( أو شاة الغير ) أي : غير الراميين ( ولم يوحياه وسريا ) أي : الجرحان ( فعلى الثاني نصف قيمته ) أي : المرمي ( مجروحا بالجرح الأول ) لأنه مشارك في قتله بعد جرح الأول له ( ويكملها ) أي : قيمة المرمي حال كونه ( سليما الأول ) لمشاركته في قتله ولا جراحة به حال جنايته ( وصيد قتل بإصابتهما ) أي إصابة اثنين يحل ذبحهما ( معا ) أي في آن واحد ( حلال بينهما ) نصفين لاستوائهما في إصابته ( كذبحه ) أي : المأكول ( مشتركين ) في آن واحد فيحل ( وكذا ) لو أصابه ( واحد بعد واحد ووجداه ميتا وجهل قاتله ) منهما فهو حلال بينهما لأن الأصل بقاء امتناعه بعد إصابة الأول وتخصيص أحدهما به ترجيح بلا مرجح . ( فإن قال ) الرامي ( الأول أنا أثبته ثم قتلته أنت فتضمنه فقال الآخر مثله لم يحل ) لاتفاقهما على تحريمه ( ويتحالفان ) أي : يحلف كل منهما على نفي ما ادعاه الآخر عليه لأنه منكر ( ولا ضمان ) على أحدهما للآخر لأن الأصل براءة الذمة ( وإن قال ) الثاني ( أنا قتلته ولم تثبته أنت ) فيحل لي ولا ضمان علي ( صدق بيمينه وهو ) أي : الصيد ( له ) وحده لأن الأصل بقاء امتناعه ويحرم على مدعي إثباته لاعترافه بالتحريم .

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية