الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          صفحة جزء
                                                                          ( فيصلي ) الإمام بمن حضره ركعتين كالعيد وتقدم ( ثم يخطب خطبة واحدة ) على المنبر والناس جلوس عنده ، لأنه لم ينقل غيره عنه صلى الله عليه وسلم ( يفتتحها ) أي الخطبة ( بالتكبير ) تسعا نسقا [ ص: 336 ] ( كخطبة العيد ) لقول ابن عباس " { صنع الرسول صلى الله عليه وسلم في الاستسقاء كما صنع في العيد } " .

                                                                          ( ويكثر فيها الاستغفار ) لقوله تعالى : " { استغفروا ربكم إنه كان غفارا ، يرسل السماء عليكم مدرارا } " الآية ( و ) يكثر فيها ( قراءة آيات فيها الأمر به ) أي الاستغفار كقوله تعالى : " { ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه } " الآية .

                                                                          ( ويرفع يديه ) في دعائه لقول أنس " { كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يرفع يديه في شيء من دعائه إلا في الاستسقاء فكان يرفع يديه حتى يرى بياض إبطيه } " متفق عليه ( وظهورهما نحو السماء ) لحديث رواه مسلم ( فيدعو بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم وهو : اللهم ) أي يا الله ( اسقنا ) بوصل الهمزة وقطعها ( غيثا ) أي مطرا ، ويسمى الكلأ أيضا : غيثا .

                                                                          ( مغيثا ) منقذا من الشدة ، يقال : غاثه وأغاثه ( هنيئا ) بالمد أي حاصلا بلا مشقة ( مريئا ) بالمد أي سهلا نافعا محمود العاقبة ( غدقا ) بفتح المعجمة وكسر الدال المهملة وفتحها أي كثير الماء والخير ( مجللا ) أي يعم البلاد والعباد نفعه ( سحا ) أي صبا ، يقال : سح يسح إذا سال من فوق إلى أسفل ، وساح يسيح إذا جرى على وجه الأرض ( عاما ) بتشديد الميم أي شاملا ( طبقا ) بالتحريك أي يطبق البلاد مطره ( دائما ) أي متصلا إلى الخصب .

                                                                          ( اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين ) أي الآيسين من الرحمة ( اللهم سقيا رحمة لا سقيا عذاب ولا بلاء ولا هدم ، ولا غرق اللهم إن بالعباد والبلاد من اللأواء ) الشدة ( والجهد ) بفتح الجيم : المشقة ، وضمها : الطاقة قاله الجوهري وقال ابن منجا : هما المشقة ( والضنك ) الضيق ( ما ) أي شدة وضنكا ( لا نشكوه إلا إليك اللهم أنبت ) بقطع الهمزة ( لنا الزرع وأدر لنا الضرع .

                                                                          واسقنا من بركات السماء وأنزل علينا من بركاتك اللهم ارفع عنا الجهد والجوع والعري واكشف عنا من البلاء ما لا يكشفه غيرك اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفارا فأرسل السماء علينا مدرارا ) أي دائما من الحاجة وفي الباب غيره ( ويكثر ) في الخطبة ( من الدعاء ومن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ) إعانة على الإجابة .

                                                                          وعن عمر " الدعاء موقوف بين السماء والأرض حتى تصلي على نبيك " صلى الله عليه وسلم رواه الترمذي ( ويؤمن مأموم ) على دعاء إمامه كالقنوت ولا يكره قول " اللهم أمطرنا " ذكره أبو المعالي ، يقال : مطرت وأمطرت وذكر أبو عبيدة : أمطرت في العذاب ( ويستقبل ) إمام ( القبلة ) ندبا ( أثناء [ ص: 337 ] الخطبة ) لأنه { صلى الله عليه وسلم حول إلى الناس ظهره واستقبل القبلة يدعو ، ثم حول رداءه } " .

                                                                          متفق عليه ( فيقول سرا : اللهم إنك أمرتنا بدعائك ووعدتنا إجابتك ، وقد دعوناك كما أمرتنا فاستجب منا كما وعدتنا ) قال تعالى : " { ادعوني أستجب لكم } " الآية وقال تعالى : " { وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان } " الآية وإن دعا بغيره فلا بأس ( ثم يحول رداءه فيجعل الأيمن على الأيسر و ) يجعل ( الأيسر على الأيمن ) نصا لفعله صلى الله عليه وسلم رواه أحمد وغيره من حديث أبي هريرة .

                                                                          وما في بعض الروايات " أن الخميصة ثقلت عليه " أجيب بأنه من ظن الراوي ولم ينقل أحد عنه صلى الله عليه وسلم جعل أعلاه أسفله . ويبعد تركه في جميع الأوقات للثقل ( وكذا الناس ) في تحويل الرداء لأن ما ثبت في حقه صلى الله عليه وسلم ثبت في حق غيره صلى الله عليه وسلم حيث لا دليل للخصوصية ، خصوصا والمعنى فيه التفاؤل بالتحول من الجدب إلى الخصب ( ويتركونه ) أي الرداء محولا ( حتى ينزعوه مع ثيابهم ) لأنه لم ينقل عنه صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من الصحابة أنهم غيروا الأردية حتى عادوا ( فإن سقوا ) في أول مرة ففضل من الله ونعمة ( وإلا ) بأن لم يسقوا أول مرة ( أعادوا ثانيا وثالثا ) لأنه أبلغ في التضرع .

                                                                          ولحديث " { إن الله يحب الملحين في الدعاء } " قال أصبغ : استسقي للنيل بمصر خمسة وعشرون مرة متوالية وحضره ابن وهب وابن القاسم وجمع ( وإن سقوا قبل خروجهم ) للاستسقاء ( فإن ) كانوا ( تأهبوا ) للخروج له ( خرجوا وصلوها ) أي صلاة الاستسقاء ( شكرا لله تعالى ) وسألوه المزيد من فضله لأن الصلاة لطلب رفع الجدب ، ولا يحصل بمجرد نزول المطر ( وإلا ) أي وإن لم يتأهبوا للخروج قبله ( لم يخرجوا وشكروا الله تعالى ، وسألوه المزيد من فضله ) لحصول المقصود يستحب التشاغل عند نزول المطر بالدعاء للخبر وعن عائشة رضي الله عنها مرفوعا " { كان إذا رأى المطر قال : اللهم صيبا نافعا } " رواه أحمد والبخاري .

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية