الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          صفحة جزء
                                                                          ( وسن لمصاب ) بموت نحو قريب ( أن يسترجع فيقول : إنا لله ) أي نحن عبيده يفعل بنا ما يشاء ( وإنا إليه راجعون ) أي نحن مقرون بالبعث والجزاء على الأعمال الرديئة ( اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيرا منها ) أجرني : مقصور وقيل : ممدود ، وأخلف : بقطع الهمزة .

                                                                          قال الآجري : وجماعة ويصلي ركعتين قال في الفروع : وهو متجه فعله ابن عباس وقرأ { واستعينوا بالصبر والصلاة } ( و ) أن ( يصبر ) على المصيبة ، والصبر : الحبس ، ويجب منه ما يمنعه عن محرم . وفي الصبر على موت الولد أجر كبير وردت به الآثار ( ولا يلزمه الرضا بفقر وعاهة ومرض ) تصيبه ، وهي عرض مفسد لما أصابه ، لأنها من المقضى ( ويحرم ) الرضا ( بفعله المعصية ) كفعل غيره لها ، لوجوب إزالتها بحسب الإمكان .

                                                                          فالرضا أولى ، قال الشيخ تقي الدين : إذا نظر إلى إحداث الرب لذلك للحكمة التي يحبها ويرضاها رضي لله بما رضيه لنفسه ، فيرضاه ويحبه مفعولا مخلوقا لله تعالى ، يبغضه ويكرهه فعلا للمذنب المخالف لأمر الله ( وكره لمصاب تغيير حاله من خلع رداء ونحوه ) كعمامة ( وتعطيل معاشه ) بنحو غلق حانوته ، لما فيه من إظهار الجزع .

                                                                          قال إبراهيم الحربي : اتفق العقلاء من كل أمة أن من لم يتمش مع القدر لم يتهن بعيش . و ( لا ) يكره ( بكاؤه ) أي المصاب قبل المصيبة [ ص: 381 ] وبعدها للأخبار ، وأخبار النهي محمولة على بكاء معه ندب أو نياحة .

                                                                          قال المجد : أو أنه كره كثرة البكاء والدوام عليه أياما كثيرة ( و ) لا يكره ( جعل علامة عليه ) أي المصاب ( ليعرف فيعزى ) لتتيسر التعزية المسنونة لمن أرادها .

                                                                          ( و ) لا يكره ( هجره ) أي المصاب ( الزينة وحسن الثياب ثلاثة أيام ) لما يأتي في الإحداد ، وسئل أحمد يوم مات بشر عن مسألة ؟ فقال : ليس هذا يوم جواب ، هذا يوم حزن .

                                                                          ( وحرم ندب ) أي تعداد محاسن الميت بلفظ الندبة ، نحو واسيداه ، واجملاه ، وانقطاع ظهراه ( و ) حرمت ( نياحة ) : قيل هي رفع الصوت بالنداء ، وقيل ذكر محاسن الميت وأحواله ( و ) حرم ( شق ثوب ولطم خد ، وصراخ ونتف شعر ونشره ونحوه ) كتسويد وجه وخمشه للأخبار منها : حديث الصحيحين مرفوعا { ليس منا من لطم الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية } ولما فيه من عدم الرضا بالقضاء والسخط من فعله تعالى ، صحت الأخبار بتعذيب الميت بالنياحة والبكاء عليه ،

                                                                          وحمل على من أوصى به أو لم يوص بتركه إذا كان عادة أهله ، أو على من كذب به حين يموت ، أو على تأذيه به قال في الشرح : ولا بد من حمل الحديث على البكاء الذي معه ندب ونياحة ، ونحو هذا وما هيج المصيبة من وعظ وإنشاد شعر من الناحية . قال الشيخ تقي الدين ، ومعناه في الفنون .

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية