الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          صفحة جزء
                                                                          ( و ) الرابع ( مؤلف للآية ) وهو ( السيد المطاع في عشيرته ممن يرجى إسلامه أو يخشى شره ) لحديث أبي سعيد قال [ ص: 456 ] { بعث علي وهو باليمن بذهبية فقسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أربعة نفر : الأقرع بن حابس الحنظلي ، وعيينة بن حصن الفزاري ، وعلقمة بن علاثة العامري ثم أحد بني كلاب ، وزيد الخير الطائي ، ثم أحد بني نبهان فغضبت قريش وقالوا تعطي صناديد نجد وتدعنا ؟ فقال : إنما فعلت ذلك لأتألفهم } متفق عليه .

                                                                          قال أبو عبيد القاسم بن سلام : وإنما الذي يؤخذ من أموال أهل اليمن الصدقة ( أو يرجى بعطيته قوة إيمانه ) لقول ابن عباس في المؤلفة قلوبهم { هم قوم كانوا يأتون النبي صلى الله عليه وسلم وكان صلى الله عليه وسلم يرضخ لهم من الصدقات فإذا أعطاهم من الصدقة ، قالوا هذا دين صالح وإن كان غير ذلك عابوه } رواه أبو بكر في التفسير ( أو ) يرجى بعطيته ( إسلام نظيره ) لأن أبا بكر رضي الله عنه أعطى عدي بن حاتم والزبرقان بن بدر ، مع حسن نياتهما وإسلامهما ، رجاء إسلام نظائرهما ( أو ) لأجل ( جبايتها ) أي : الزكاة ( ممن لا يعطيها ) إلا بالتخويف ( أو ) لأجل ( دفع عن المسلمين ) بأن يكونوا في أطراف بلاد الإسلام ، إذا أعطوا من الزكاة دفعوا الكفار عمن يليهم من المسلمين ، وإلا فلا .

                                                                          ( ويعطى ) مؤلف من زكاة ( ما ) أي قدرا ( يحصل به التأليف ) لأنه المقصود ( يقبل قوله ) أي : المطاع في عشيرته ( في ضعف إسلامه ) لأنه لا يعلم إلا منه و ( لا ) يقبل قوله ( إنه مطاع ) في عشيرته ( إلا ببينة ) لعدم تعذر إقامة البينة عليه ، وعلم منه : بقاء حكم مؤلفة ; لأن الآية من آخر ما نزل ، وصحت الأحاديث بإعطائهم ودعوى الاستغناء عن تألفهم خارج عن محل الخلاف ، فإن الكلام مفروض فيما إذا احتيج إليه ، ورآه الإمام مصلحة ، وعدم إعطاء عمر وعثمان وعلي رضي الله تعالى عنهم لهم لعدم الحاجة إليه ، لا لسقوط سهمهم ، فإن تعذر الصرف لهم رد على باقي الأصناف ، ولا يحل للمسلم ما يأخذه ليكف شره ، كأخذ العامل الهدية .

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية