الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ولما كان التقدير : فالذين آمنوا بآيات ربهم ولقائه أولئك يرجون رحمتي وأولئك لهم نعيم مقيم ، وكان قد أمرهم بالاستدلال ، وهددهم ليرجعوا عن الضلال ، بما أبقى للرجال بعض المحال ، أتبعه ما قطعه ، فقال عاطفا على ذلك المقدر : والذين كفروا أي : ستروا ما أظهرته لهم أنوار العقول بآيات الله أي : دلائل الملك الأعظم المرئية والمسموعة التي لا أوضح منها ولقائه بالبعث بعد الموت الذي أخبر به وأقام الدليل على قدرته عليه بما لا أجلى منه أولئك أي : البعداء البغضاء البعيدو الفهم المحطوطون عن رتبة الإنسان ، بل رتبة مطلق الحيوان يئسوا أي : تحقق يأسهم من الآن ، بل من الأزل ، لأنهم لم يرجوا [ ص: 420 ] لقاء الله يوما; ولا قال أحد منهم : " رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين " .

                                                                                                                                                                                                                                      ولما كان أكثرهم متعنتا ، بين أن المتكلم بهذا الكلام ، العالي عن متناول الأنام ، هو الله المنوه باسمه في هذا النظام ، بالالتفات إلى أسلوب التكلم ، تنبيها لمفات السامعين بما ملأ الصدور وقصم الظهور فقال : من رحمتي أي : من أن أفعل بهم من الإكرام بدخول الجنة وغيرها فعل الراحم; وكرر الإشارة تفخيما للأمر فقال : وأولئك أي : الذين ليس بعد بعدهم بعد ، وتهكم بهم في التعبير بلام الملك التي يغلب استعمالهما في المحبوب فقال : لهم عذاب أليم أي : مؤلم بالغ إيلامه في الدنيا والآخرة.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية