الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (10) قوله: مهين هماز : تقدم تفسير مهين في الزخرف. والهماز: مثال مبالغة من الهمز وهو في اللغة الضرب طعنا باليد والعصا ونحوها، واستعير للعياب الذي يعيب على الناس كأنه يضربهم. والنميم قيل: مصدر كالنميمة. وقيل: هو جمعها، أي: اسم جنس كتمرة وتمر. وهو نقل الكلام الذي يسوء سامعه ويحرش بين الناس. وقال الزمخشري : والنميم والنميمة السعاية وأنشدني بعض العرب:


                                                                                                                                                                                                                                      4292 - تشببي تشبب النميمه تمشي بها زهرا إلى تميمه



                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 404 ] والمشاء: مثال مبالغة من المشي، أي: يكثر السعاية بين الناس. والعتل: الذي يعتل الناس، أي: يحملهم ويجرهم إلى ما يكرهون من حبس وضرب. ومنه خذوه فاعتلوه . وقيل: العتل: الشديد الخصومة. وقال أبو عبيدة: "هو الفاحش اللئيم"، وأنشد:


                                                                                                                                                                                                                                      4293- بعتل من الرجال زنيم     غير ذي نجدة وغير كريم



                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: "الغليظ الجافي". ويقال: عتلته وعتنته باللام والنون، نقله يعقوب. والزنيم: الدعي ينسب إلى قوم ليس منهم. قال حسان:


                                                                                                                                                                                                                                      4294 - زنيم تداعاه الرجال زيادة     كما زيد في عرض الأديم الأكارع



                                                                                                                                                                                                                                      وقال أيضا:


                                                                                                                                                                                                                                      4295 - وأنت زنيم نيط في آل هاشم     كما نيط خلف الراكب القدح الفرد



                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 405 ] وأصله من الزنمة: وهي ما بقي من جلد الماعز معلقا في حلقها يترك عند القطع فاستعير للدعي لأنه كالمعلق بما ليس منه. وقرأ الحسن "عتل" بالرفع على: هو عتل. وحقه أن يقرأ ما بعده بالرفع أيضا، لأنهم قالوا في القطع: إنه يبدأ بالإتباع ثم بالقطع من غير عكس. وقوله "بعد ذلك"، أي: بعدما وصفناه به. قال ابن عطية: "فهذا الترتيب إنما هو في قول الواصف لا في حصول تلك الصفات في الموصوف، وإلا فكون عتلا هو قبل كونه صاحب خير يمنعه". وقال الزمخشري : "بعد ذلك، بعد ما عد له من المثالب والنقائص"، ثم قال: "جعل جفاءه ودعوته أشد معايبة; لأنه إذا غلظ وجفا طبعه قسا قلبه واجترأ على كل معصية".

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية