الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (42) قوله: يوم يكشف : منصوب بقوله "فليأتوا" أو بإضمار اذكر، فيكون مفعولا به أو بمحذوف، وهو ظرف، أي: يوم يكشف يكون كيت وكيت، أو بخاشعة، قاله أبو البقاء . وفيه بعد و"عن ساق" قائم مقام الفاعل، وابن مسعود وابن أبي عبلة "يكشف" بالياء من تحت مبنيا للفاعل وهو الله. وقرأ ابن عباس وعبد الله أيضا "نكشف" بكسر النون. وعن ابن عباس "تكشف" بالتاء من فوق مبنيا للفاعل، أي: الشدة والساعة. وعنه كذلك أيضا مبنيا للمفعول وهي مشكلة; لأن التأنيث لا معنى له هنا، إلا أن يقال: إن المفعول مستتر، أي: تكشف هي، أي: الشدة.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: عن ساق ، أي: تكشف عن ساقها; ولذلك قال الزمخشري : وتكشف بالتاء مبنيا للفاعل والمفعول جميعا. والفعل [ ص: 417 ] للساعة، أو للحال، أي: تشتد الحال أو الساعة. وقرئ "يكشف" بضم الياء أو التاء وكسر الشين، من "أكشف" إذا دخل في الكشف. وأكشف الرجل: إذا انقلبت شفته العليا لانكشاف ما تحتها. وكشف الساق كناية عن الشدة، لا يمتري في ذلك من ذاق طعم الكلام، وسمع قول العرب في نظمها ونثرها. قال الراجز:


                                                                                                                                                                                                                                      4309 - عجبت من نفسي ومن إشفاقها ومن طرادي الطير عن أرزاقها     في سنة قد كشفت عن ساقها
                                                                                                                                                                                                                                      حمراء تبري اللحم عن عراقها



                                                                                                                                                                                                                                      وقال حاتم الطائي:


                                                                                                                                                                                                                                      4310 - أخو الحرب إن عضت به الحرب عضها     وإن شمرت عن ساقها الحرب شمرا



                                                                                                                                                                                                                                      وقال آخر:


                                                                                                                                                                                                                                      4311- كشفت لهم عن ساقها     وبدا من الشر الصراح

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 418 ] وقال آخر:


                                                                                                                                                                                                                                      4312 - قد شمرت عن ساقها فشدوا     وجدت الحرب بكم فجدوا



                                                                                                                                                                                                                                      وقال آخر:


                                                                                                                                                                                                                                      4313 - صبرا أمام إنه شر باق     وقامت الحرب بنا على ساق



                                                                                                                                                                                                                                      قال الزمخشري : الكشف عن الساق والإبداء عن الخدام مثل في شدة الأمر وصعوبة الخطب. وأصله في الروع والهزيمة وتشمير المخدرات عن سوقهن في الحرب، وإبداء خدامهن عند ذلك.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال ابن قيس الرقيات:


                                                                                                                                                                                                                                      4314 - تذهل الشيخ عن بنيه وتبدي     عن خدام العقيلة العذراء



                                                                                                                                                                                                                                      انتهى، وما أحسن ما أبدى أبو القاسم وجه علاقة هذا المجاز فلله دره. وما أورده أهل التفسير فإنه مؤول وكذلك حديث ابن مسعود [ ص: 419 ] ونحوه. قال الزمخشري : "ومن أحس بمضار فقد هذا العلم علم مقدار عظم منافعه". انتهى. ويعني علم البيان.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية