الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (6) قوله: عينا في نصبها أوجه، أحدها: أنه بدل من "كافورا" لأن ماءها في بياض الكافور، وفي رائحته وبرده. والثاني: أنها بدل من محل "من كأس"، قاله مكي، ولم يقدر حذف مضاف. وقدر الزمخشري على هذا الوجه حذف مضاف. قال: "كأنه قيل: يشربون خمرا خمر عين"، وأما أبو البقاء فجعل المضاف مقدرا على وجه البدل من "كافورا" فقال: "والثاني: بدل من "كافورا"، أي: ماء عين أو خمر عين"، وهو معنى حسن. الثالث: أنها مفعول بـ "يشربون"، أي: يشربون عينا من كأس. الرابع: أن ينتصب على الاختصاص. الخامس: بإضمار "يشربون" يفسره ما بعده، قاله أبو البقاء . وفيه نظر; لأن الظاهر أنه صفة لعين، فلا يصح أن يفسر. السادس: بإضمار "يعطون". السابع: على الحال من الضمير في "مزاجها"، قاله مكي.

                                                                                                                                                                                                                                      والمزاج: ما يمزج به، أي: يخلط. يقال: مزجه يمزجه مزجا، أي: خلطه يخلطه خلطا. قال حسان: [ ص: 600 ]

                                                                                                                                                                                                                                      4441- كأن سبيئة من بيت رأس يكون مزاجها عسل وماء



                                                                                                                                                                                                                                      فالمزاج كالقوام، اسم لما يقام به الشيء. والكافور: طيب معروف، وكأن اشتقاقه من الكفر وهو الستر; لأنه يغطي الأشياء برائحته. والكافور أيضا: كمام الشجر التي تغطي ثمرتها. ومفعول "يشربون": إما محذوف، أي: يعني: يشربون ماء أو خمرا من كأس، وإما مذكور وهو "عينا" كما تقدم، وإما "من كأس" و"من" مزيدة فيه، وهذا يتمشى عند الكوفيين والأخفش.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال الزمخشري : "فإن قلت: لم وصل فعل الشرب بحرف الابتداء أولا وبحرف الإلصاق آخرا؟ قلت: لأن الكأس مبدأ شربه وأول غايته، وأما العين فبها يمزجون شرابهم، فكأن المعنى: يشرب عباد الله بها الخمر كما تقول: شربت الماء بالعسل".

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: يشرب بها في الباء أوجه، أحدها: أنها مزيدة، أي: يشربها، ويدل له قراءة ابن أبي عبلة "يشربها" معدى إلى الضمير بنفسه. الثاني: أنها بمعنى "من". الثالث: أنها حالية، أي: ممزوجة بها. الرابع: أنها متعلقة بـ "يشرب". والضمير يعود على الكأس، أي: يشربون العين بتلك الكأس، والباء للإلصاق، كما تقدم في قول الزمخشري. الخامس: أنه على تضمين "يشربون" معنى: يلتذون بها شاربين. السادس: على تضمينه معنى "يروى"، أي يروى بها عباد الله. وكهذه الآية في [ ص: 601 ] بعض الأوجه قول الهذلي:


                                                                                                                                                                                                                                      4442- شربن بماء البحر ثم ترفعت     متى لجج خضر لهن نئيج



                                                                                                                                                                                                                                      فهذه تحتمل الزيادة، وتحتمل أن تكون بمعنى "من". والجملة من قوله "يشرب بها" في محل نصب صفة لـ "عينا" إن جعلنا الضمير في "بها" عائدا على "عينا" ولم نجعله مفسرا لناصب، كما قاله أبو البقاء . وقرأ عبد الله "قافورا" بالقاف بدل الكاف، وهذا من التعاقب بين الحرفين كقولهم: "عربي قح وكح". و"يفجرونها" في موضع الحال.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية