الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (20) قوله: ثم هذا ظرف مكان وهو مختص بالبعد. وفي انتصابه هنا وجهان، أظهرهما: أنه منصوب على الظرف. ومفعول الرؤية غير مذكور; لأن القصد: وإذا صدرت منك رؤية في ذلك المكان رأيت كيت وكيت، فـ "رأيت" الثاني جواب لـ "إذا". وقال الفراء : "ثم" مفعول به لـ "رأيت". وقال الفراء أيضا: "وإذا رأيت" تقديره: "ما ثم"، فـ "ما" مفعول فحذفت "ما" وقامت "ثم" مقام "ما". قال الزمخشري تابعا لأبي إسحاق: "ومن قال: معناه "ما ثم" فقد أخطأ; لأن "ثم" صلة لـ "ما"، ولا يجوز إسقاط الموصول وترك الصلة"، وفي هذا نظر; لأن الكوفيين يجوزون مثل هذا، واستدلوا عليه بأبيات وآيات، تقدم الكلام عليها مستوفى في أوائل هذا الموضوع.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال ابن عطية: "وثم ظرف. والعامل فيه "رأيت" أو معناه، [ ص: 615 ] والتقدير: رأيت ما ثم، فحذفت ما". قال الشيخ : "وهو فاسد; لأنه من حيث جعله معمولا لـ "رأيت" لا يكون صلة لـ "ما"; لأن العامل فيه إذ ذاك محذوف أي: ما استقر ثم". قلت: ويمكن أن يجاب عنه: بأن قوله: "أو معناه" هو القول بأنه صلة لموصول، فيكونان وجهين لا وجها واحدا، حتى يلزمه الفساد، ولولا ذلك لكان قوله: "أو معناه" لا معنى له. ويعني بمعناه أي: معنى الفعل من حيث الجملة، وهو الاستقرار المقدر.

                                                                                                                                                                                                                                      والعامة على فتح الثاء من "ثم" كما تقدم. وقرأ حميد الأعرج بضمها على أنها العاطفة، وتكون قد عطفت "رأيت" الثاني على الأول، ويكون فعل الجواب محذوفا، ويكون فعل الجواب المحذوف هو الناصب لقوله: "نعيما"، والتقدير: وإذا صدر منك رؤية، ثم صدرت رؤية أخرى رأيت نعيما وملكا. فرأيت هذا هو الجواب.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية