الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ولقد آتينا موسى الكتاب من بعد ما أهلكنا القرون الأولى بصائر للناس وهدى ورحمة لعلهم يتذكرون . وما كنت بجانب الغربي إذ قضينا إلى موسى الأمر وما كنت من الشاهدين ولكنا أنشأنا قرونا فتطاول عليهم العمر وما كنت ثاويا في أهل مدين تتلو عليهم آياتنا ولكنا كنا مرسلين . وما كنت بجانب الطور إذ نادينا ولكن رحمة من ربك لتنذر قوما ما أتاهم من نذير من قبلك لعلهم يتذكرون ولولا أن تصيبهم مصيبة بما قدمت أيديهم فيقولوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك ونكون من المؤمنين

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: من بعد ما أهلكنا القرون الأولى يعني قوم نوح وعاد وثمود وغيرهم بصائر للناس أي : ليبصروا به ويهتدوا .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 225 ] قوله تعالى: وما كنت بجانب الغربي قال الزجاج : أي : وما كنت بجانب الجبل الغربي .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: إذ قضينا إلى موسى الأمر أي : أحكمنا الأمر معه بإرساله إلى فرعون وقومه وما كنت من الشاهدين لذلك الأمر ; وفي هذا بيان لصحة نبوة نبينا صلى الله عليه وسلم ، لأنهم يعلمون أنه لم يقرإ الكتب ، ولم يشاهد ما جرى ، فلولا أنه أوحي إليه ذلك ، ما علم .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: ولكنا أنشأنا قرونا أي : خلقنا أمما من بعد موسى فتطاول عليهم العمر أي : طال إمهالهم فنسوا عهد الله وتركوا أمره ; وهذا [ ص: 226 ] يدل على أنه قد عهد إلى موسى وقومه عهودا في أمر محمد صلى الله عليه وسلم ، وأمروا بالإيمان به ، فلما طال إمهالهم ، أعرضوا عن مراعاة العهود ، وما كنت ثاويا أي : مقيما في أهل مدين فتعلم خبر موسى وشعيب وابنتيه فتتلو ذلك على أهل مكة ولكنا كنا مرسلين أرسلناك إلى أهل مكة وأخبرناك خبر المتقدمين ، ولولا ذلك ما علمته . وما كنت بجانب الطور أي : بناحية الجبل الذي كلم عليه موسى إذ نادينا موسى وكلمناه ، هذا قول الأكثرين ; وقال أبو هريرة : كان هذا النداء : يا أمة محمد ، أعطيتكم قبل أن تسألوني ، وأستجيب لكم قبل أن تدعوني .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: ولكن رحمة من ربك قال الزجاج : المعنى : لم تشاهد قصص الأنبياء ، ولكنا أوحينا إليك وقصصناها عليك ، رحمة من ربك .

                                                                                                                                                                                                                                      ولولا أن تصيبهم مصيبة جواب " لولا " محذوف ، تقديره : لولا أنهم يحتجون بترك الإرسال إليهم لعاجلناهم بالعقوبة . وقيل : لولا ذلك لم نحتج إلى إرسال الرسل ومؤاثرة الاحتجاج .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية