الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      إن الذين يلحدون في آياتنا لا يخفون علينا أفمن يلقى في النار خير أم من يأتي آمنا يوم القيامة اعملوا ما شئتم إنه بما تعملون بصير . إن الذين كفروا بالذكر لما جاءهم وإنه لكتاب عزيز . لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 261 ] قوله تعالى: إن الذين يلحدون في آياتنا قال مقاتل: نزلت في أبي جهل . وقد شرحنا معنى الإلحاد في [النحل: 103]; وفي المراد به هاهنا خمسة أقوال .

                                                                                                                                                                                                                                      أحدها: أنه وضع الكلام على غير موضعه، رواه العوفي عن ابن عباس .

                                                                                                                                                                                                                                      والثاني: أنه المكاء والصفير عند تلاوة القرآن، قاله مجاهد .

                                                                                                                                                                                                                                      والثالث: أنه التكذيب بالآيات، قاله قتادة .

                                                                                                                                                                                                                                      والرابع: أنه المعاندة، قاله السدي .

                                                                                                                                                                                                                                      والخامس: أنه الميل عن الإيمان بالآيات، قاله مقاتل .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: لا يخفون علينا هذا وعيد بالجزاء أفمن يلقى في النار خير أم من يأتي آمنا يوم القيامة وهذا عام، غير أن المفسرين ذكروا فيمن أريد به سبعة أقوال .

                                                                                                                                                                                                                                      أحدها: أنه أبو جهل وأبو بكر الصديق، رواه الضحاك عن ابن عباس . والثاني: أبو جهل وعمار بن ياسر، قاله عكرمة . والثالث: أبو جهل ورسول الله صلى الله عليه وسلم، قاله ابن السائب، ومقاتل . والرابع: أبو جهل وعثمان بن عفان، حكاه الثعلبي . والخامس: أبو جهل وحمزة، حكاه الواحدي . والسادس: أبو جهل وعمر بن الخطاب . والسابع: الكافر والمؤمن، حكاهما الماوردي .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 262 ] قوله تعالى: اعملوا ما شئتم قال الزجاج : لفظه لفظ الأمر، ومعناه الوعيد والتهديد .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: إن الذين كفروا بالذكر يعني القرآن; ثم أخذ في وصف الذكر; وترك جواب "إن"، وفي جوابها هاهنا قولان .

                                                                                                                                                                                                                                      [أحدهما]: أنه "أولئك ينادون من مكان بعيد"، ذكره الفراء .

                                                                                                                                                                                                                                      والثاني: أنه متروك، وفي تقديره قولان . أحدهما: إن الذين كفروا بالذكر لما جاءهم كفروا به . والثاني: إن الذين كفروا يجازون بكفرهم .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: وإنه لكتاب عزيز فيه أربعة أقوال . أحدها: منيع من الشيطان لا يجد إليه سبيلا، قاله السدي . والثاني: كريم على الله، قاله ابن السائب . والثالث: منيع من الباطل، قاله مقاتل . والرابع: يمتنع على الناس أن يقولوا مثله، حكاه الماوردي .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: لا يأتيه الباطل فيه ثلاثة أقوال . أحدها: التكذيب، قاله سعيد بن جبير . والثاني: الشيطان . والثالث: التبديل، رويا عن مجاهد . قال قتادة: لا يستطيع إبليس أن ينقص منه حقا، ولا يزيد فيه باطلا . وقال مجاهد: لا يدخل فيه ماليس منه . وفي قوله: من بين يديه ولا من خلفه ثلاثة أقوال . أحدها: بين يدي تنزيله، وبعد نزوله . والثاني: أنه ليس قبله كتاب يبطله، ولا يأتي بعده كتاب يبطله . والثالث: لا يأتيه الباطل في إخباره عما تقدم، ولا في إخباره عما تأخر .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية