الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      إن علينا للهدى وإن لنا للآخرة والأولى فأنذرتكم نارا تلظى لا يصلاها إلا الأشقى الذي كذب وتولى وسيجنبها الأتقى الذي يؤتي ماله يتزكى وما لأحد عنده من نعمة تجزى إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى ولسوف يرضى .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: إن علينا للهدى قال الزجاج: المعنى: إن علينا أن نبين طريق الهدى من طريق الضلالة وإن لنا للآخرة والأولى أي: فليطلبا منا فأنذرتكم نارا تلظى أي: توقد وتتوهج لا يصلاها إلا الأشقى يعني: المشرك الذي كذب الرسول وتولى عن الإيمان . قال أبو عبيدة: الأشقى بمعنى الشقي . والعرب تضع " أفعل " في موضع " فاعل " . قال طرفة:


                                                                                                                                                                                                                                      تمنى رجال أن أموت وإن أمت فتلك سبيل لست فيها بأوحد



                                                                                                                                                                                                                                      قال الزجاج: وهذه الآية التي من أجلها زعم أهل الإرجاء أنه لا يدخل [ ص: 152 ] النار إلا كافر، وليس [الأمر] كما ظنوا . هذه نار موصوفة بعينها، ولأهل النار منازل . فلو كان [كل] من لا يشرك لا يعذب لم يكن في قوله تعالى: ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء [النساء: 48] فائدة [وكان " ويغفر ما دون ذلك " كلاما لا معنى له] .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: وسيجنبها أي: يبعد عنها، فيجعل منها على جانب الأتقى يعني: أبا بكر الصديق في قول جميع المفسرين الذي يؤتي ماله يتزكى أي: يطلب أن يكون عند الله زاكيا، ولا يطلب الرياء، ولا السمعة وما لأحد عنده من نعمة تجزى أي: لم يفعل ذلك مجازاة ليد أسديت إليه .

                                                                                                                                                                                                                                      وروى عطاء عن ابن عباس أن أبا بكر لما اشترى بلالا بعد أن كان يعذب قال المشركون: ما فعل أبو بكر ذلك إلا ليد كانت لبلال عنده، فأنزل الله تعالى: وما لأحد عنده من نعمة تجزى إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى أي: إلا طلبا لثواب ربه . قال الفراء: و " إلا " بمعنى " لكن " ونصب " ابتغاء " على إضمار إنفاقه . فالمعنى: وما ينفق إلا ابتغاء وجه ربه .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 153 ] قوله تعالى: ولسوف يرضى أي: بما يعطى في الجنة من الثواب .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية