الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ولو ترى إذ وقفوا على النار فقالوا يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: ولو ترى إذ وقفوا على النار في معنى "وقفوا" ستة أقوال .

                                                                                                                                                                                                                                      أحدها: حبسوا عليها ، قاله ابن السائب . والثاني: عرضوا عليها ، قاله مقاتل .

                                                                                                                                                                                                                                      والثالث: عاينوها . والرابع: وقفوا عليها وهي تحتهم .

                                                                                                                                                                                                                                      والخامس: دخلوا إليها فرفعوا مقدار عذابها ، تقول: وقفت على ما عند فلان ، أي: فهمته وتبينته ، ذكر هذه الأقوال الثلاثة الزجاج ، واختار الأخير . وقال ابن جرير: "على" هاهنا بمعنى "في"

                                                                                                                                                                                                                                      والسادس: جعلوا عليها وقفا ، كالوقوف المؤبدة على سبلها ، ذكره الماوردي . والخطاب بهذه الآية للنبي صلى الله عليه وسلم ، والوعيد للكفار ، وجواب لو "محذوف" ومعناه: لو رأيتهم في تلك الحال: لرأيت عجبا .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: ولا نكذب بآيات ربنا قرأ ابن كثير ، ونافع وأبو عمرو ، والكسائي ، وأبو بكر ، عن عاصم برفع الباء من "نكذب" والنون من "نكون"

                                                                                                                                                                                                                                      قال الزجاج : والمعنى أنهم تمنوا الرد ، وضمنوا أنهم لا يكذبون . والمعنى: يا ليتنا نرد ، ونحن لا نكذب بآيات ربنا ، رددنا أو لم نرد ، ونكون من المؤمنين ، لأنا قد عاينا ما لا نكذب معه أبدا .

                                                                                                                                                                                                                                      قال ويجوز الرفع على وجه آخر ، على معنى" يا ليتنا نرد" ، يا ليتنا لا نكذب ، كأنهم تمنوا الرد والتوفيق للتصديق .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 23 ] وقال الأخفش: إذا رفعت جعلته على مثل اليمين ، كأنهم قالوا: ولا نكذب والله- بآيات ربنا ، ونكون والله- من المؤمنين . وقرأ حمزة إلا العجلي وحفص عن عاصم ، ويعقوب: بنصب الباء من "نكذب" ، والنون من "نكون"

                                                                                                                                                                                                                                      قال مكي بن أبي طالب: وهذا النصب على جواب التمني ، وذلك بإضمار "أن" ، حملا على مصدر "نرد" فأضمرت "أن" لتكون مع الفعل مصدرا ، فعطف بالواو مصدرا على مصدر .

                                                                                                                                                                                                                                      وتقديره: يا ليت لنا ردا وانتفاء من التكذيب ، وكونا من المؤمنين . وقرأ ابن عامر برفع الباء من "نكذب" ونصب النون من "نكون" ، فالرفع قد بينا علته ، والنصب على جواب التمني .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية