الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      القول في تأويل قوله تعالى:

                                                                                                                                                                                                                                      [158] قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا الذي له ملك السماوات والأرض لا إله إلا هو يحيي ويميت فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون

                                                                                                                                                                                                                                      " قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا أي: كافة " الذي له ملك السماوات والأرض لا إله إلا هو يحيي ويميت نعوت للفظ الجلالة، أي الذي أرسلني هو خالق كل شيء وربه ومليكه الذي بيده الملك والإحياء والإماتة. والآية نص في عموم بعثته للأحمر والأسود، والعربي والعجمي. وفي الحديث: « أعطيت خمسا لم يعطهن نبي قبلي -ولا أقولهن فخرا- بعثت إلى الناس كافة، الأحمر والأسود، ونصرت بالرعب مسيرة شهر، وأحلت لي الغنائم، ولم تحل لأحد قبلي، وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا، وأعطيت الشفاعة، فأخرتها لأمتي، فهي لمن لا يشرك بالله شيئا » . رواه الإمام أحمد عن ابن عباس [ ص: 2884 ] مرفوعا، ورواه أيضا عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: « قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لقد أعطيت الليلة خمسا ما أعطيهن أحد قبلي، أما أنا فأرسلت إلى الناس كلهم عامة، وكان من قبلي إنما يرسل إلى قومه، ونصرت على العدو بالرعب، ولو كان بيني وبينهم مسيرة شهر لملئ منه رعبا، وأحلت لي الغنائم، آكلها، وكان من قبلي يعظمون أكلها، كانوا يحرقونها، وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا، أينما أدركتني الصلاة تمسحت وصليت وكان من قبلي يعظمون ذلك، إنما كانوا يصلون في بيعهم وكنائسهم، والخامسة هي ما هي ! قيل لي: سل، فإن كل نبي قد سأل، فأخرت مسألتي إلى يوم القيامة، فهي لكم، ولمن يشهد أن لا إله إلا الله» .

                                                                                                                                                                                                                                      قال الحافظ ابن كثير : إسنادهما جيد قوي.

                                                                                                                                                                                                                                      وروى الإمام أحمد بمعناه عن ابن عمر وأبي موسى ، وهو ثابت في الصحيحين عن جابر .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج مسلم عن أبي موسى قال: « قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده ! لا يسمع بي رجل من هذه الأمة، يهودي ولا نصراني، ثم لا يؤمن بي إلا دخل النار » .

                                                                                                                                                                                                                                      فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي أي الذي نبئ ما يرشد الخلائق كلهم، مع كونه أميا، وفي نعته بذلك زيادة تقرير أمره وتحقيق أنه المكتوب في الكتابين. " الذي يؤمن بالله وكلماته أي ما أنزل عليه وعلى من تقدمه من الرسل من كتبه ووحيه " واتبعوه لعلكم تهتدون

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 2885 ]

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية