الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      القول في تأويل قوله تعالى:

                                                                                                                                                                                                                                      [ 102 ] فلما بلغ معه السعي قال يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين .

                                                                                                                                                                                                                                      فلما بلغ معه السعي أي: السن الذي يقدر فيه على السعي والعلم: قال يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى أي: إني أمرت في المنام بذبحك - ورؤيا الأنبياء وحي كالوحي في اليقظة - فانظر هل تصبر على إمضائي أمر الرؤيا والعمل بظاهرها؟ [ ص: 5050 ] : قال يا أبت افعل ما تؤمر أي: يأمرك الله به، فإن كان ذاك أمرا من لدنه فأمضه.

                                                                                                                                                                                                                                      قال القاضي : ولعله فهم من كلامه أنه رأى أنه يذبحه مأمورا به، أو علم أن رؤيا الأنبياء حق، وأن مثل ذلك لا يقدمون عليه إلا بأمر، ثم قال: ولعل الأمر في المنام دون اليقظة، لتكون مبادرتهما إلى الامتثال، أدل على كمال الانقياد والإخلاص . انتهى.

                                                                                                                                                                                                                                      قال الرازي : الحكمة في مشاورة الابن في هذا الباب، أن يطلع ابنه على هذه الواقعة ليظهر له صبره في طاعة الله، فتكون فيه قرة عين لإبراهيم ، حيث يراه قد بلغ في الحلم إلى هذا الحد العظيم، وفي الصبر على أشد المكاره إلى هذه الدرجة العالية، ويحصل للابن الثواب العظيم في الآخرة، والثناء الحسن في الدنيا. وقوله: ستجدني إن شاء الله من الصابرين أي: على الذبح، أو على قضاء الله.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية