الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      القول في تأويل قوله تعالى:

                                                                                                                                                                                                                                      [29 - 30] يسأله من في السماوات والأرض كل يوم هو في شأن فبأي آلاء ربكما تكذبان

                                                                                                                                                                                                                                      يسأله من في السماوات والأرض أي: يدعونه ويرغبون إليه، ويرجون رحمته لفقرهم الذاتي، وغناه المطلق.

                                                                                                                                                                                                                                      كل يوم هو في شأن أي: كل وقت يحدث أمورا، ويجدد أحوالا. قال مجاهد: يعطي سائلا، ويفك عانيا، ويجيب داعيا، ويشفي سقيما.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 5622 ] وروى ابن جرير أن النبي صلى الله عليه وسلم تلا هذه الآية. فقيل: يا رسول الله! وما ذاك الشأن؟ قال: « يغفر ذنبا، ويفرج كربا، ويرفع أقواما، ويضع آخرين » .

                                                                                                                                                                                                                                      وقال القاشاني : المراد يسأله كل شيء، فغاب العقلاء، وأتى بلفظ: " من " أي: كل شيء يسأله بلسان الاستعداد والافتقار دائما كل يوم هو في شأن بإفاضة ما يستحقه ويستأهله باستعداده، فمن استعد بالتصفية والتزكية للكمالات الخيرية والأنوار، يفيضها عليه مع حصول الاستعداد، ومن استعد بتكدير جوهر نفسه بالهيئات المظلمة والرذائل، ولوث العقائد الفاسدة، والخبائث، للشرور والمكاره، وأنواع الآلام والمصائب والعذاب والوبال: يفيضها عليه مع حصول الاستعداد. انتهى.

                                                                                                                                                                                                                                      وقد أخذ الآية عامة من حيث السائلون خاصة بلسان الاستعداد وغيره - كابن كثير والقاضي - رآها خاصة بمن يعقل، عامة بلسان الحال أو المقال. والأقرب هو ما يتبادر بادئ بدء إلى الفهم، وهو ما ذكرناه أولا فبأي آلاء ربكما تكذبان أي: مما يسعف به سؤالكما، ويخرج لكما من مخبأ قدره وخلقه آنا فآنا.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية