الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      القول في تأويل قوله تعالى:

                                                                                                                                                                                                                                      [38 - 48] كل نفس بما كسبت رهينة إلا أصحاب اليمين في جنات يتساءلون عن المجرمين ما سلككم في سقر قالوا لم نك من المصلين ولم نك نطعم المسكين وكنا نخوض مع الخائضين [ ص: 5984 ] وكنا نكذب بيوم الدين حتى أتانا اليقين فما تنفعهم شفاعة الشافعين

                                                                                                                                                                                                                                      كل نفس بما كسبت رهينة أي: مرهونة ومحبوسة به عند الله تعالى: إلا أصحاب اليمين أي: فإنهم فكوا رقابهم بما أطابوه من كسبهم، كما يخلص الراهن رهنه بأداء الحق.

                                                                                                                                                                                                                                      في جنات أي: هم في جنات لا يدرك وصفها يتساءلون عن المجرمين أي: يسألون عنهم. وإيثار صيغة التفاعل للتكثير، ومنه (دعوته وتداعيناه).

                                                                                                                                                                                                                                      وقال القاشاني: أي: يسأل بعضهم بعضا عن حال المجرمين، لاطلاعهم عليها، وما أوجب تعذيبهم وبقاءهم في سقر، فأجاب المسؤولون بأنا سألناهم عن حالهم بقولنا: ما سلككم في سقر أي: بلسان الحال أو المقال.

                                                                                                                                                                                                                                      قالوا لم نك من المصلين ولم نك نطعم المسكين وكنا نخوض مع الخائضين وكنا نكذب بيوم الدين أي: كنا موصوفين بهذه الرذائل من اختيار الراحات البدنية، ومحبة المال، وترك العبادات البدنية، والخوض في الباطل، والهزء والهذيان، والتكذيب بالجزاء، وإنكار المعاد.

                                                                                                                                                                                                                                      حتى أتانا اليقين أي: الموت، فرأينا به ما كنا ننكره عيانا.

                                                                                                                                                                                                                                      فما تنفعهم شفاعة الشافعين أي: من نبي أو ملك، لو قدر على سبيل فرض المحال؛ لأنهم غير قابلين لها. فلا إذن في الشفاعة لذلك. فلا شفاعة، فلا تنفع.

                                                                                                                                                                                                                                      قال ابن جرير : أي: فما يشفع لهم الذين شفعهم الله في أهل الذنوب من أهل التوحيد، فتنفعهم شفاعتهم. وفي هذه الآية دلالة واضحة على أن الله تعالى ذكره مشفع بعض خلقه في بعض.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 5985 ]

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية