الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
3- قوله تعالى: وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى . روى البخاري عن عائشة أنها سئلت عن هذه الآية فقالت: هذه اليتيمة تكون في حجر وليها يشركها في مالها فيريد أن يتزوجها بغير أن يقسط في صداقها فيعطيها مثل ما يعطيها غيره ، فنهوا أن يستنكحوهن إلا أن يقسطوا لهن ويبلغوا بهن على سنتهن وأمروا أن ينكحوا ما طاب لهم من النساء سواهن ، الحديث ، ففي الآية أن المحجورة لا يجوز نكاحها بدون مهر المثل وأن غيرها ينكح على ما رضيت به وإن كان دونه ، ولا عبرة برضا الولي. قال ابن العربي: ويستدل بها على أن الوصي ليس كالولي في إسقاطه المهر والعفو عنه ، وعلى أنه يجوز له نكاحها إذا أقسط في الصداق ويتولى طرفي العقد سواء كانت بالغة أو دون البلوغ. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في الآية قال: يقول: وإن خفتم في أموال اليتامى أن لا تقسطوا فيها فكذلك على أنفسكم من الزنا فانكحوا. ففي الآية وجوب النكاح على خائف العنت.

قوله تعالى: ما طاب لكم فيه الإشارة إلى النظر قبل النكاح; لأن الطيب إنما يعرف به ، وفيه استحباب نكاح الجميلة; لأنه أقرب إلى الإعفاف.

قوله تعالى: من النساء استدل به على منع نكاح الجنيات.

قوله تعالى: مثنى وثلاث ورباع فيه أن العدد الذي يباح جمعه من النساء أربع [ ص: 77 ] فقط ، وأخرج ابن المنذر عن عكرمة قال: كان الرجل يتزوج الأربع والخمس والست والعشر فنهوا أن يتزوج الرجل فوق الأربع ، واستدل بظاهر الآية من أباح جمع تسع نسوة; لأن الواو تفيد الجمع ، وهو مردود; لأن معنى مثنى ، اثنين مرتين ومعنى ثلاث: ثلاث مرات وكذا رباع فيقتضي ذلك من حيث اللغة إباحة ثماني عشرة وليس كذلك بل المراد الإباحة لكل رجل أن يجمع اثنتين وأن يجمع ثلاثا وأن يجمع أربعا ، واستدل بظاهرها أيضا من أباح للعبد ، وقال ابن العربي: لا مدخل له في الآية; لأنها خطاب لمن ولي وملك وتولى وتوصى وهذه صفات الأحرار واستدل بها أيضا من أباح لخائف العنت أربع مملوكات.

قوله تعالى: فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم فيه وجوب القسم والتسوية فيه وأنه خاص بالزوجات دون ملك اليمين ، وأنه يستحب لمن خاف الجور فيه ألا يزيد على زوجة واحدة أو يعدل إلى التسري. قال ابن الفرس: وفي الآية رد على من جعل النكاح واجبا عن العين; لأنه تعالى خير بينه وبين ملك اليمين وجعل بعضهم أو ما ملكت عطفا على من النساء فأباح للحر نكاح أربع إماء مطلقا وهو مردود بأن العطف على أقرب مذكور.

قوله تعالى: ذلك أدنى ألا تعولوا قال الشافعي : ألا يكثر عيالكم واستنبط منه أن على الرجل مؤنة امرأته.

التالي السابق


الخدمات العلمية