الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                صفحة جزء
                الوجه الثاني عشر أن مقصود النهي ترك المنهي عنه والمقصود منه عدم المنهي عنه والعدم لا خير فيه إلا إذا تضمن حفظ موجود وإلا فلا خير في لا شيء وهذا معلوم بالعقل والحس لكن من الأشياء ما يكون وجوده مضرا بغيره فيطلب عدمه لصلاح الغير كما يطلب عدم القتل لبقاء النفس [ ص: 117 ] وعدم الزنا لصلاح النسل وعدم الردة لصلاح الإيمان فكل ما نهي عنه إنما طلب عدمه لصلاح أمر موجود .

                وأما المأمور به فهو أمر موجود والموجود يكون خيرا ونافعا ومطلوبا لنفسه بل لا بد في كل موجود من منفعة ما أو خير ما فلا يكون الموجود شرا محضا فإن الموجود خلقه الله تعالى والله لم يخلق شيئا إلا لحكمة وتلك الحكمة وجه خير بخلاف المعدوم فإنه لا شيء ; ولهذا قال سبحانه : { الذي أحسن كل شيء خلقه } وقال : { صنع الله الذي أتقن كل شيء } فالموجود : إما خير محض أو فيه خير والمعدوم : إما أنه لا خير فيه بحال أو خيره حفظ الموجود وسلامته . والمأمور به قد طلب وجوده والمنهي عنه قد طلب عدمه فعلم أن المطلوب بالأمر أكمل وأشرف من المطلوب بالنهي وأنه هو الأصل المقصود المراد لذاته وأنه هو الذي يكون عدمه شرا محضا .

                التالي السابق


                الخدمات العلمية