الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                صفحة جزء
                وسئل رحمه الله عن المرأة التي يعتبر إذنها في الزواج شرعا هل يشترط الإشهاد عليها بإذنها لوليها ؟ أم لا ؟ وإذا قال الولي : إنها أذنت لي في تزويجها من هذا [ ص: 41 ] الشخص : فهل للعاقد أن يعقد بمجرد قول الولي ؟ أم قولها ؟ وكيفية الحكم في هذه المسألة بين العلماء ؟

                التالي السابق


                فأجاب : الحمد لله . الإشهاد على إذنها ليس شرطا في صحة العقد عند جماهير العلماء ; وإنما فيه خلاف شاذ في مذهب الشافعي وأحمد بأن ذلك شرط . والمشهور في المذهبين - كقول الجمهور - أن ذلك لا يشترط . فلو قال الولي : أذنت لي في العقد ; فعقد العقد وشهد الشهود على العقد ثم صدقته الزوجة على الإذن : كان النكاح ثابتا صحيحا باطنا وظاهرا وإن أنكرت الإذن كان القول قولها مع يمينها ; ولم يثبت النكاح . ودعواه الإذن عليها كما لو ادعى النكاح بعد موت الشهود ونحو ذلك . والذي ينبغي لشهود النكاح أن يشهدوا على إذن الزوجة قبل العقد لوجوه ثلاثة : " أحدها " أن ذلك عقد متفق على صحته ومهما أمكن أن يكون العقد متفقا على صحته فلا ينبغي أن يعدل عنه إلى ما فيه خلاف وإن كان مرجوحا ; إلا لمعارض راجح .

                " الوجه الثاني " أن ذلك معونة على تحصيل مقصود العقد وأمان من جحوده لا سيما في مثل المكان والزمان الذي يكثر فيه جحد النساء وكذبهن فإن ترك الإشهاد عليها كثيرا ما يفضي إلى خلاف ذلك . ثم إنه يفضي إلى أن تكون زوجة في الباطن دون الظاهر . وفي ذلك مفاسد متعددة .

                [ ص: 42 ] " والوجه الثالث " : أن الولي قد يكون كاذبا في دعوى الاستئذان ; وأن يحتال بذلك على أن يشهد أنه قد زوجها وأن يظن الجهال أن النكاح يصح بدون ذلك إذا كان عند العامة أنها إذا زوجت عند الحاكم صارت زوجة . فيفضي إلى قهرها وجعلها زوجة بدون رضاها . وأما " العاقد " الذي هو نائب الحاكم إذا كان هو المزوج لها بطريق الولاية عليها ; لا بطريق الوكالة للولي ; فلا يزوجها حتى يعلم أنها قد أذنت . وذلك بخلاف ما إذا كان شاهدا على العقد . وإن زوجها الولي بدون إذنها فهو نكاح الفضولي . وهو موقوف على إذنها عند أبي حنيفة ومالك وهو باطل مردود عند الشافعي وأحمد في المشهور عنه .




                الخدمات العلمية