الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                صفحة جزء
                وأما الامتحان بالضرب ونحوه فاختلف فيه هل : يشرع للقاضي والوالي ؟ أم يشرع للوالي دون القاضي ؟ أم يشرع الضرب لواحد منهما ؟ على " ثلاثة أقوال " .

                [ ص: 401 ] " أحدها " أنه يضرب فيها القاضي والوالي وهذا قول طائفة من العلماء من أصحاب مالك وغيرهم منهم أشهب قاضي مصر قال أشهب : يمتحن بالسجن والأدب ويضرب بالسوط مجردا .

                " والقول الثاني " لا يضرب بل يحبس كما تقدم وهذا قول أصبغ من أصحاب مالك وقول كثير من الحنفية والشافعية وغيرهم ; لكن حبس المتهم عندهم أبلغ من حبس المجهول ; فلذلك اختلفوا هل يحبس حتى يموت ؟ فقال عمر بن عبد العزيز وجماعة من أصحاب مالك كمطرف وابن الماجشون وغيرهما أنه يحبس حتى يموت .

                وهكذا روي عن الإمام أحمد فيمن لم ينته عن بدعته أنه يحبس حتى يموت وقال مالك : لا يحبس حتى يموت .

                و " القول الثالث " أنه يضربه الوالي دون القاضي وهذا القول ذكره طائفة من أصحاب الشافعي وأحمد كالقاضي أبي الحسن الماوردي والقاضي أبي يعلى وغيرهما .

                وبسطوا القول في ذلك في كتب " الأحكام السلطانية " وقالوا : إن ولاية الحرب معتمد العقوبة على الجرائم والمنع من الفساد في الأرض وذلك لا يتم إلا بالعقوبة للمتهمين المعروفين بالإجرام ; بخلاف ولاية الحكم فإن مقصودها يحصل بدون ذلك وهذا القول هو قول بجواز ذلك في الشريعة ; لكن كل ولي أمر بفعل ما فوض إليه فكما أن والي الصدقات لا يملك من القبض والصرف ما يملكه والي [ ص: 402 ] الخراج وإن كان كلاهما مالا شرعيا ; وكذلك والي الحرب ووالي الحكم كل منهما يفعل ما اقتضته ولايته الشرعية مع رعاية العدل وأصول الشريعة .

                التالي السابق


                الخدمات العلمية