الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          وقد بين سبحانه في تأكيد عدم فوزهم أنهم يحسبون بريق الحياة ومتاعها هو المتاع، وبين الله تعالى أن متاعها قليل؛ لأنه في ذاته قليل وزمانه قليل، ومتاع الآخرة هو الأبقى ومن طلب متاع الدنيا بغير الحق فالآخرة تكون له عذابا أليما؛ ولذا قال تعالت كلماته:

                                                          متاع قليل ولهم عذاب أليم .

                                                          التنكير في (متاع) يدل على قلته في ذاته وقلته في زمانه، وهو بجوار الكذب الذي يكذبونه لا يعد متاعا؛ لأن المتاع ما يقوم على متاع النفس، والنفس [ ص: 4293 ] الكذوب تكون في اضطراب مستمر ولا تملك نفسها كما لا تنضبط في ذاتها، ودأبها على الكذب يؤدي إلى ضلال الفكر فيها حتى يصيبها خرف الكذب وفساده.

                                                          ولهم عذاب أليم بعد هذا المتاع الضئيل وهو عذاب دائم ليس له وقت محدود، بل هو محدود بحدود الله، وما من قارئ يقرأ هذه الهداية إلا امتنع عن الهجوم بقوله حلال وحرام إلا إذا كان النص على التحريم من قرآن أو أحاديث النبوة، ولقد كان إبراهيم النخعي، وهو من أئمة فقه الرأي كان إذا وصل برأيه إلى حكم يفيد التحريم لا يقول: حرام، ولكن يقول أكره، وإذا وصل بقياسه إلى حكم يفيد الحل قال: ليس من بأس، أو أستحسن هذا، متحرجا أن يقول حراما أو حلالا لكي لا يكون ممن دخلوا في حكم هذه الآية.

                                                          وقال ابن العربي: " كره مالك وقوم أن يقول المفتي: هذا حلال وهذا حرام في المسائل الاجتهادية، فلم أزل أخاف الفتيا إلى يومي هذا "، وقد رأينا في هذا الزمان من يقول في أمور هي حرام بالنص إنها حلال، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية