الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين توبة من الله وكان الله عليما حكيما

                                                          * * *

                                                          كان الكلام في الآيات السابقة في المنافقين الذين يعملون على نقض بناء الدولة الإسلامية، ويعملون على إلقاء الريب في قلوب أهل الإيمان، وفي وجوب قتل الكافرين الذين ينقضون العهد والميثاق، والذين يظهرون الإيمان بين قبائلهم، ولا يعملون عملا للإسلام، فإنهم منافقون يريدون أن يتخذوا من مظهر الإيمان [ ص: 1797 ] وقاية لهم، إن اشتدت الشديدة على أقوامهم! وإنه لا يحمي دم هؤلاء في القتال إلا إذا كانوا قد ألقوا السلام، واعتزلوا القتال مع أقوامهم، أو كانوا يصلون إلى قوم قد ارتبط المسلمون معهم بميثاق عدم اعتداء، وإن التفرقة بين هذه العناصر قد يقع معها الخطأ، ولذا ذكر القرآن الكريم الخطأ في هذه الأحوال الثلاث: وهي قتل المؤمن الخطأ لمؤمن قائم مع المؤمنين، وقتل الخطأ لمؤمن من قوم أعداء، وقتل الخطأ من قوم لهم ميثاق، حتى إذا وقع الخطأ كان الحكم بينا، ولذا قال تعالى: وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ "ما كان" النفي هنا ليس لنفي الوقوع، أي نفي أن يقع قتل خطأ، وإلا ما وقع ذلك أبدا، لكنه يقع، بل النفي بمعنى عدم الجواز والنهي عنه، مثل قوله تعالى: وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا [الأحزاب]، ومثل قوله تعالى: وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا [الأحزاب].

                                                          والمعنى على ذلك ما ساغ ولا جاز ولا أبيح أن يقتل مؤمن مؤمنا قط، فإن ذلك أمر محرم تحريما قاطعا، لكن إن كان خطأ، فإن ذلك قد يكون معذرة يعتذر بها; لأن الله تعالى رفع عن أمة محمد إثم الخطأ، إذ قال عليه الصلاة والسلام: "رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه"، وليس على المؤمن إثم القتل إن قتل خطأ، وإن كان يجب الاحتراز من الخطأ. وإن التقصير لا يخلو من مؤاخذة، ولذلك قال الزيلعي من فقهاء الحنفية: "وبهذا النوع من القتل (أي الخطأ) لا يأثم إثم القتل، وإنما يأثم إثم ترك التحرز، والمبالغة في التثبت; لأن الأفعال المباحة لا تجوز مباشرتها إلا بشرط ألا تؤذي أحدا، فإذا آذى أحدا فقد تحقق ترك التحرز".

                                                          والقتل الخطأ يتصور في ثلاث صور: أولاها: أن يرمي هدفا، فيصيب إنسانا معصوم الدم، بأن تنحرف الرمية. [ ص: 1798 ] والثانية: أن يقصد هدفا معينا، على أنه حيوان مفترس مثلا، فيتبين أنه إنسان معصوم الدم. والثالثة: أن يقتل إنسانا على أنه من الأعداء، فيتبين أنه معصوم الدم، تحت هذه الصور صور كثيرة: منها أن يقتل من قال: لا إله إلا الله، زاعما أنه قالها تحت حد السيف، وغير ذلك من أخطاء القتال.

                                                          وقد ذكر الزمخشري في سبب نزول هذه الآية أنه "روي أن عياش بن أبي ربيعة، وكان أخا أبي جهل لأمه، أسلم وهاجر خوفا من قومه إلى المدينة، وذلك قبل هجرة الرسول -صلى الله عليه وسلم-، فأقسمت أمه ألا تأكل ولا تشرب، ولا يؤويها سقف حتى يرجع، فخرج أبو جهل ومعه الحارث بن زيد، فقال أبو جهل: أليس محمد يحثك على صلة الرحم; انصرف وبر أمك وأنت على دينك! حتى نزل وذهب معهما، وقدما به على أمه، فلما أبعدا عن المدينة كتفاه، وجلده كل واحد مائة جلدة، فقال عياش للحارث: هذا أخي، فمن أنت يا حارث؟! لله علي إن وجدتك خاليا أن أقتلك، وقدما به على أمه، فحلفت لا يحل كتافه أو يرتد، ففعل، ثم هاجر بعد ذلك وأسلم الحارث ، وهاجر، فلقيه عياش بظهر قباء ولم يشعر بإسلامه، وأنحى عليه وقتله، ثم أخبر بإسلامه فأتى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال: قتلته، ولم أشعر بإسلامه، فنزلت الآية".

                                                          وسواء أصح هذا سببا للنزول أم لم يصح، فإن الآية عامة تعم كل قتل خطأ. والقتل الخطأ يوجب كفارة، ويوجب دية تسلم إلى أهله، أي أنه يجب تعويض أهل الإيمان، إن أمكن، ويجب تعويض أسرة القتيل. وتعويض أهل الإيمان يكون بإعتاق رقبة مؤمنة، وتعويض أسرة القتيل إن كانت غير منتمية لقوم عدو للمؤمنين يكون بالدية. وقد ذكرت أحوال ثلاثة للدية، تجب في حالين، ولا تجب في حال أخرى: أما الحالان اللتان تجب فيهما، فهما إذا كان القتل حدث على رجل مؤمن يعيش بين المؤمنين، والثانية إذا كان المقتول من قوم بينهم وبين المسلمين ميثاق عدم اعتداء، وقد ذكر سبحانه الحال الأولى في قوله تعالت كلماته: [ ص: 1799 ] ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا التحرير جعله حرا طليقا لوجه الله تعالى، بعد أن كان عبدا رقيقا، والتعبير عن العتق بالتحرير، للإشارة إلى أن الحرية مقصد من مقاصد الشارع الإسلامي، وأن العقوبة ليس المقصود بها إيذاء القاتل، إنما المقصود بها نفع العبد، وكذلك كل عقوبة تكون بعتق رقبة لا يقصد بها الإيلام، إنما يقصد بها تحرير الرقاب، وقد أخطأ بعض الفقهاء فأشار على ملك من ملوك المسلمين قد جامع في رمضان بأن يصوم شهرين متتابعين، مع أن النص يقرر أن الصيام إنما هو بالنسبة لمن لا يملك رقابا، وكان خطؤه من ناحيتين: إحداهما: أنه أعمل الرأي في موضع النص، وذلك لا يجوز، والثانية: أنه لم يفهم مقصود الشارع ابتداء، وهو نفع العبيد بالإعتاق.

                                                          وعبر عن نفس الحر بكلمة الرقبة، للإشارة إلى أن الرق غل معنوي في الرقاب، وأن المؤمن الصادق لا يجوز له أن يغل رقاب العباد، إلا لضرورة، والضرورة تقدر بقدرها، ولذلك عبر سبحانه وتعالى عن العتق بفك الرقبة في آية أخرى، فقال سبحانه وجلت كلماته: فلا اقتحم العقبة وما أدراك ما العقبة فك رقبة [البلد].

                                                          والدية التي قدرها النبي -صلى الله عليه وسلم- هي مائة من الإبل لمن يملك إبلا، وألف دينار من الذهب لمن لا يملك إبلا، وعشرة آلاف درهم لمن يملك فضة، وقيل اثنا عشر ألف درهم: وقال الشافعي : إن الدية في الأصل مائة من الإبل، ومن لا يجد مائة من الإبل تكون عليه قيمتها من الذهب أو الفضة، بالغة ما بلغت، قليلة كانت أو كبيرة.

                                                          وإن الدية تسلم إلى ورثة المقتول، وقد كان رأى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب : لا تسلم الدية إلا إلى عصبته، فلا يسلم جزء منها لزوجته مع أنها وارثة، فيروى أنه قضى بدية المقتول، فجاءت امرأته تطلب ميراثها، فقال: لا أعلم لك شيئا إنما الدية للعصبة، فقام الضحاك بن سفيان الكلابي وقال: "كتب [ ص: 1800 ] إلي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يأمرني أن أورث امرأة أشيم الضبابي من عقل (أي دية) زوجها أشيم" فورثها عمر بعد أن علم بقضاء النبي -صلى الله عليه وسلم- في هذا، وما كان له أن يخالفه .

                                                          والدية عند الأكثرين تجب على عصبة القاتل، ليكون ذلك دليلا على تضافر الأسرة كلها، وإذا كان فقيرا وأسرته فقيرة، فإن دية المقتول تكون على بيت مال المسلمين; لأنه وارث من لا وارث له، فيجب عليه ما كان يجب على الوارث; ولأنه لا يطل دم في الإسلام، ولأنه إذا كانت الأسرة الصغرى قد عجزت عن دفع الدية، فإنها تجب على أسرته الكبرى، وهي الأمة. وهنا بحثان لفظيان: أولهما: التعبير عن أداء الدية بقوله: مسلمة إلى أهله فإن هذا التعبير يومئ إلى وجوب حسن الأداء، بألا يكلفوا أسرة المقتول شطط التقاضي والمطالبة، فيجمعوا عليها ألم الفقد، ومضاضة الشكوى والتظلم، وهذا مثل قوله تعالى: فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان [البقرة].

                                                          والبحث الثاني: قوله تعالى: إلا أن يصدقوا أي إلا أن يتبرع أهل القتيل، وفي التعبير بكلمة "يصدقوا" إشارة إلى أن ذلك أمر مرغوب فيه محبب، وأنه صدقة لها ثوابها، إذا كان أولياء القاتل وعصبته يرهقون بأدائها، أو كان العطاء من بيت المال فيتركونها صدقة لجماعة المسلمين، وإن ذلك يكون إذا كانوا هم في ثروة لا يحتاجون معها إلى هذه الدية، وفي الجملة يكون لها كل أحكام الصدقة، ولا صدقة إلا عن ظهر غنى.

                                                          بقي أن نبين الحكمة في هذه العقوبة: لماذا كانت العقوبة أولا؟ ولماذا كانت بهذا الشكل؟! أما عن شرعية العقوبة، فحكمتها واضحة وهي تربية الناس على [ ص: 1801 ] الاحتراز وصيانة الأنفس، وحسبك مثلا في عصرنا أننا نرى استهانة سائقي السيارات بالأنفس لنقص العقوبة على جريمة القتل الخطأ، فكان التقصير في تحرزهم واضحا، ولأن من المقررات الشرعية ألا يذهب دم في الأرض الإسلامية هدرا، وقد قال في ذلك الزيلعي من فقهاء الحنفية: الضمان في الخطأ بضرورة صون الدم من الإهدار، ولولا ذلك لتخاطأ كثير من الناس، وأدى إلى التفاني; ولأن النفس محترمة، فلا تسقط بعذر التخاطؤ، فيجب المال صيانة لها من الإهدار.

                                                          وأما السبب في كون العقوبة على هذا النحو، فقد أشرنا من قبل إلى أنه قد اعتدى على الجماعة بتقصيره في التحرز، فوجب عليه أن يعوض الجماعة الإسلامية عما فقدت، واعتدى على الأسرة فثكلت عائلها أو وليها، فكان لا بد من تعويضهما، فأما تعويض الجماعة فبإعتاق رقبة مؤمنة، لأن تحرير العبد كأنه إحياء له، إذ الحرية هي الحياة، ولأنه أفقد الجماعة عنصرا عاملا فيها، فكان لا بد من تعويضها بعنصر عامل لها، والعبد عمله لسيده، أما الحر فعمله لجماعته، واعتداؤه على الأسرة كان تعويضها عنه ذلك المال المدفوع.

                                                          هذه حال الاعتداء بالخطأ على المؤمن في دولة الإيمان. أما إذا كان المؤمن ينتمي إلى الأعداء فإن الدية لا تدفع. قال تعالى:

                                                          وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة

                                                          أي أنه إذا كان ينتمي إلى الأعداء، فإن الدية لا تدفع. لأن أموال الأعداء وأرواحهم غير مصونة، ولأن إرسال الدية إلى قومه تقوية لهم على المؤمنين، فلا تعوض أسرة القتيل، ولكن تعوض الجماعة الإسلامية بالحرية التي تمنح لواحد منها تعويضا عما فقدت.

                                                          والحال الثالثة: إذا كان المقتول من قوم بينهم وبين المؤمنين عهد وميثاق، وفي هذا تدفع الدية إلى أهله، ولذا قال سبحانه: وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة والذين لهم ميثاق فريقان: فريق [ ص: 1802 ] يعيش بين المؤمنين، وفريق يعيش في دولة أخرى بينها وبين المسلمين عهد، فأما الفريق الأول فهم الذين لهم ذمة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعهده، وهذا أقوى عهد موثق ومؤكد، وبمقتضى حكم الإسلام لهم ما للمسلمين وعليهم ما على المسلمين، ويسمون ذميين. ولقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "من آذى ذميا فأنا خصمه يوم القيامة، ومن خاصمته خصمته"! ولقد كان الراشدون رضي الله عنهم يعنون بأمرهم، ويقيمون العدالة فيهم. وأما الفريق الثاني فإنهم أقوام لهم دولة قائمة، وبينهم وبين المسلمين عهد موثق بعدم الاعتداء وإقامة السلم فيما بينهم وبين المسلمين، وقد يكون بينهم وبين المسلمين حلف على التناصر إذا حصل اعتداء.

                                                          وهنا إشارة بيانية تؤكد حرص الشرع على دفع الدية لأهل المقتول ولو كانوا غير مسلمين، وهي تقديم الدية على الكفارة; لأنها نفيت في حال القاتل الذي ينتمي إلى الأعداء، فكان لا بد من توكيدها حتى لا يتردد القاتل في دفعها إلى غير المسلمين، إن كان بينهم وبين المسلمين ميثاق بمنع الاعتداء.

                                                          وقد قال بعض العلماء: إن الدية ذكرت منكرة ولم تذكر معرفة، فلم يقل تعالت كلماته: الدية تسلم لأهله; وهي قد ذكرت منكرة في الحالين اللتين وجبت فيهما، واستنبط من هذا أنها لو ذكرت معرفة لكان تقدير النبي -صلى الله عليه وسلم- بيانا لمعناها في القرآن، وما جاز تقديرها بغير تقديره، ولا الاتفاق على غيرها.

                                                          ونحن نؤيد هذا الاستنباط بشرط ألا يكون تفاوت في تقدير الدية من حيث الجنس أو اللون، أو القوة والضعف، أو العلم والجهل، أو التحضر والتبدي، فإن هذا شأن الجاهلية، ولا يقره الإسلام، ولا يصح أن يترك الأمر ليستغل القوي ضعف الضعيف.

                                                          وهنا يجب أن نذكر فرعين: أحدهما: إذا قتل المؤمن ذميا أو معاهدا غير مسلم ، فهل تجب الدية والكفارة؟ والجواب عن ذلك أن الدية واجبة الأداء باتفاق [ ص: 1803 ] العلماء، أما الكفارة فهي موضع نظر، وأميل إلى وجوبها، لأن التحرز عن دم الذمي أو المعاهد كالتحرز من دم المسلم، لأنه معصوم الدم كالمؤمن على سواء، وموجبات الأمن لأهل الدولة الواحدة ثابتة، ولأن الكفارة عبادة، وعتق أهل الإيمان أمر مرغوب فيه.

                                                          الفرع الثاني: إذا قتل الذمي ذميا، فإن الدية بلا ريب واجبة; لأنها تعويض لأسرة القتيل، ولأنها في معنى القصاص من القاتل قتلا خطأ، وأما الكفارة فإنها عبادة، فلا تجب على غير المسلم، وخصوصا أن فيها صوم شهرين متتابعين، والصوم عبادة إسلامية، والأمر فيه بين العبد وربه، والصوم يكون حيث لا توجد الرقبة.

                                                          فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين توبة من الله وكان الله عليما حكيما أي فمن لم يجد رقبة مؤمنة يعتقها، فالواجب في الكفارة، حيث تجب، صيام شهرين متصلين في أيامهما، لا يفرق بينها فطر، بحيث لو أفطر يوما فيها استأنف من جديد ابتداء الشهرين، إلا أن يكون إفطار اليوم لعذر كمرض أو سفر مضطر إليه، وخالف في ذلك أبو حنيفة والشافعي ، وقررا وجوب الاستئناف من جديد، ولو كان الإفطار لعذر قاهر. والآية تصرح بأن سبب الكفارة هو التوبة والرجوع إلى الله تعالى من تقصير في التقدير. وقد يقال: إذا لم يكن إثم فمن أي شيء تكون التوبة، مع أنه باتفاق العلماء لا إثم في الخطأ; ونقول: إن إثم القتل لا يتحقق عند الخطأ كما نقلنا من قبل، ولكن التقصير قد يكون ثابتا، والتوبة إنما هي من هذا التقصير، والحمل على الاحتياط والتحرز في المستقبل، والكفارة مذكر مستمر بالتقصير حتى لا يتكرر من بعد.

                                                          وقد ذيل الله تعالى النص الكريم بذكر اتصافه بأنه عليم بكل شيء، عليم بالنفوس وحركاتها ومداها، وعليم بما يقع من الأعمال، ويجول في النفوس والخواطر، وهو المدبر لكل شيء بحكمته، والذي يشرع الأحكام على مقتضى المصلحة الإنسانية العالية.

                                                          * * *

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية