الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال ( ومن رأى هلال الفطر وحده لم يفطر ) احتياطا ، وفي الصوم الاحتياط في الإيجاب . قال ( وإذا كان بالسماء علة لم يقبل في هلال الفطر إلا شهادة رجلين أو رجل وامرأتين ) لأنه تعلق به نفع العبد وهو الفطر فأشبه سائر حقوقه ، والأضحى كالفطر في هذا في ظاهر الرواية وهو الأصح ، خلافا لما روي عن أبي حنيفة رحمه الله : أنه كهلال رمضان لأنه تعلق به نفع العباد وهو التوسع بلحوم الأضاحي [ ص: 326 ] ( وإن لم يكن بالسماء علة لم يقبل إلا شهادة جماعة يقع العلم بخبرهم ) كما ذكرنا .

التالي السابق


( قوله لم يفطر ) قيل : معنى قول أبي حنيفة لا يفطر لا يأكل ولا يشرب . ولكن لا ينوي الصوم والتقرب إلى الله تعالى لأنه يوم عيد في حقه للحقيقة التي عنده ، ولا يخفى أن التعليل بالاحتياط ينافي تأويل قوله بذلك . وقيل : إن أيقن أفطر ويأكل سرا وعلى القول بأنه لا يفطر لو أفطر يقضي ، ثم منهم من قال : لا كفارة عليه بلا خلاف ، ومنهم من حكى في لزومها الخلاف بعد رد شهادته وقبله ، والصحيح عدم لزومها فيها ، ولو شهد هذا الرجل عند صديق له فأكل لا كفارة عليه ، وإن كان صديقه .

( قوله فأشبه سائر حقوقه ) وعن هذا شرط العدد والحرية في الرأي ، وأما لفظة الشهادة ففي فتاوى قاضي خان : ينبغي أن تشترط كما تشترط الحرية والعدد ، وأما الدعوى فينبغي أن لا تشترط كما في عتق الأمة وطلاق الحرة عند الكل ، وعتق العبد في قول أبي يوسف ومحمد ، وأما على قياس قول أبي حنيفة : فينبغي أن تشترط الدعوى في هلال الفطر وهلال رمضان ا هـ .

وعلى هذا فما ذكروا من أن من رأى هلال رمضان في الرستاق وليس هناك وال ولا قاض ، فإن كان ثقة يصوم الناس بقوله ، وفي الفطر إن أخبر عدلان برؤية الهلال لا بأس بأن يفطروا يكون الثبوت فيه دعوى ، وحكم للضرورة ، أرأيت لو لم ينصب في الدنيا إمام ولا قاض حتى عصوا بذلك أما كان يصام بالرؤية فهذا الحكم في محال وجوده .

( قوله لأنه تعلق به نفع العباد ) تعليل لظاهر الرواية ، وفي التحفة رجح رواية النوادر فقال : والصحيح أنه يقبل فيه [ ص: 326 ] شهادة الواحد لأن هذا من باب الخبر فإنه يلزم المخبر أولا ثم يتعدى منه إلى غيره ا هـ . وأيضا فإنه يتعلق به أمر ديني وهو وجوب الأضحية وهو حق الله تعالى ، فصار كهلال رمضان في تعلق حق الله فيقبل في الغيم الواحد العدل ، ولا يقبل في الصحو إلا التواتر .




الخدمات العلمية